المدخل العام لدراسة القانون
الإداري:
مقدمة:
القانون الإداري باعتباره فرعا من فروع القانون العام فهو يتصل بالإدارة من حيث تنظيمها وبيان
أجهزتها المختلفة وكيفية تشكيلها ومن حيث نشاطها وما تمارسه من أعمال وأنشطة وهو بذلك يعتبر
أو يمكن
تصنيفه بقانون الإدارة.
* فما هو تعريف القانون الإداري ؟
قبل تعريف القانون الإداري كمجموعة قو اعد قانونية استثنائية لا مثيل لها في قواعد
القانون العادي لابد
من تعريف مدلول الإدارة العامة وهذا الارتباط الوثيق
بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة
* فما هو مدلول الإدارة ؟
نقصد هنا الإدارة العامة وليست الإدارة الخاصة أو إدارة المشروعات والتي تختلف أهدافا و
أنشطة عن
الإدارة العامة.
الإدارة العامة:
هي مجموعة من الهياكل هم مجموع موظفون الذين يعملون باسم الإدارة ويستعملون امتيازاتها
وصلاحياتها وتتحمل هي مسؤولية تصرفاتهم ويكتسبون الحقوق باسمها ورغم الاتفاق الحاصل بخصوص
مدلول الإدارة إلا أن هذا المفهوم أثار كثيرا من الجدل والاختلاف من حيث المدلول القانوني
للإدارة العامة
الذي أظهر عناية لدى الدول الأنجلوساكسية (لاسيما
أمريكا وبريطاني ا) بعد ظهور علم الإدارة العامة
كعلم
منفصل تماما عن قانون الإدارة
فالإدارة اصطلاحا تعني فن أو علم توجيه وتسيير وإدارة عمل الآخرين بقصد تحقيق أهداف محددة كما
التنظيم والترتيب الخاص بالجهود الجماعية وتعرف كذلك
بأنها تنظيم العلاقات »: Tygi/
عرفها الفقيه تاجي
« بين الأفراد
=> من هنا يتبين أن تعريفات الإدارة قد تكون ذات طابع علمي فني وعملي بحت وأخرى ذات طابع
سياسي وأخرى يغلب عليها الجانب السلوكي الاجتماعي وبعض التعريفات ذات الطابع القانوني والبعض
(1887) Woodrolson/ الآخر ذات صبغة اقتصادية لكن
أقدم تعريف للإدارة هو تعريف الفقيه وودرولسون
أن الإدارة هي مجموعة العمليات المتعلقة »: وهو أقدم محاولة علمية لتعريف الإدارة العامة ومضمونه
« بتحقيق أهداف الحكومة بأكبر مقدار من الكفاءة وبما يحقق رضا وغاية الأفراد
وهناك تعريفات أخرى لعلماء آخرين أمثال : جيمس دنيس – ليوناردوايت –جون فيغنيغ ، إلا أن
الاستقراري أن الإدارة هي مجموعة العمليات والمبادئ والقواعد والأساليب العلمية الفنية والعملية والقانونية
التي تجمع شتات الجهود والوسائل المادية والبشرية
والتنظيمية وتوجهها بواسطة عمليات التنظيم
والتخطيط
والرقابة لتحقيق الأهداف العامة المحددة في السياسة العامة للدولة والمطلوب إنجازها أو تحقيقها ويكتشف أن
المحاضرة الأولى
الإدارة تقوم على مقومات أساسية ثلاثة:
-1 الإدارة الع امة هي إدارة بالمعنى الفني والمعنى العلمي الضيق للإدارة فهي فن وعلم وجمع الجهود
والوسائل البشرية والمادية وتنسيقها وتوجيهها لتحقيق هدف مشترك
-2 أنها مجموعة الوسائل البشرية والمالية والتنظيمية العامة مسخرة لتحقيق الأهداف العامة الرسمية.
-3 أنها لها أهداف محد دة في السياسة العامة للدولة
ومرسومة في كافة الوثائق والمواثيق والنصوص
القانونية والتنظيمية الرسمية.
أوجه الاختلاف بين الإدارة العامة والإدارة الخاصة:
1. من ناحية الهدف : فالمقومات الأساسية الثلاثة التي
تقوم عليها الإدارة تجعلنا نميز بين الإدارة العامة
والإدارة الخاصة من الزوايا التالية:
أ- طبيعة الهدف : فإذا كان هدف الإدارة العامة هو
تحقيق المصلحة العامة عن طريق تقديم الخدمات
والسلع لإشباع الحاجات العامة والمحافظة على النظام
العام على عكس هدف الإدارة الخاصة والمتمثل في
تحقيق الربح والمكاسب الاقتصادية في مقابل تقديم السلع والخدمات.
ب- زاوية طبيعة النشاط : نشاط الإدارة العامة يتسم غالبا بالطابع السياسي الإداري والاجتماعي بينما
تتسم أنشطة الإدارة الخاصة بالطبيعة الاقتصادية البحتة مثل : المشروعات التجارية والمالية.
ج- زاوية الصفة الاحتكارية : تعمل الإدارة العامة في النطاق الاحتكاري بحيث لا يوجد تنافس
حر بين
المؤسسات والإدارات العامة على عكس الإدارة الخاصة
التي تعمل في ظل المنافسة الحرة.
د- زاوية حجم الأهداف : في الإدارة العامة ضخم جدا
ومتنوع وهذا لتحقيق أهداف عامة بتلبية حاجيات
المجتمع الوطنية بينما أهداف الإدارة الخاصة أهداف ضيقة ومحدودة (قانونها الأساسي).
و- زاوية حجم المسؤوليات : عكس الإدارة الخاصة فحجم مسؤولية الإدارة العامة ضخم ومتنوع لأن
رجال الإدارة العامة أو الموظفون العموميين لهم مسؤولية أمام المجتمع والسلطات السياسية والتنفيذية
والتشريعية والقضائية عن كافة أعمالهم وتصرفاتهم أما مسؤولية رجال الإدارة الخاصة فهي
ضيقة ومحدودة
ولا تتعدى جمعية الشركاء وموظفي المؤسسة الخاصة.
ه- زاوية حجم القيود والرقابة :يخضع عمال الإدارة العامة لقيود ولرقابة دقيقة وصارمة بهدف حماية
المصلحة العامة من كا فة مظاهر الانحراف بخلاف
الإدارة الخاصة والذي يتمتع أعضاؤها بحرية واسعة في
حدود القانون الأساسي لتلك الإدارة.
- علم الإدارة العامة والقانون الإداري:
*ظهرت في السنوات الأخيرة عدة خلافات مرتبطة بعلم الإدارة العامة باعتباره علم مستقل تماما عن
القانون الإداري لد ى المحور الأنجلوجماعوني بحيث تتميز الإدارة بالطابع الفني والعلمي أما في فرنسا
(المحور اللاتيني ) فقد غلب الطابع
القانوني والفقهي على دراسة علم الإدارة العامة مع الأخذ بعين الاعتبار
بعض الجوانب الفنية القائمة على أسس اجتماعية أو
اقتصادية أو سياسية ومع اتساع نشاط الإدارة وكذا مجال
العلم الإداري أصبحت بوادر علم الإدارة العامة مستقل عن القانون الإداري ظاهرة ؛ وقد اهتمت الدول
الحديثة بالدراسات الإدارية وسيرورة الجانب الفني ودوره الضروري في ترتيب الأجهزة الإدارية بحيث
أصبح ضرورة ملحة لحسن سير الإدارة ويتجلى هذا الا
تجاه بانعقاد المؤتمر الأول للعلوم الإدارية
ببروكسيل
في سنة 1910 وتولدت عنه لجنة دولية للعلوم الإدارية والتي تحولت في سنة 1930 إلى معهد دولي للعلوم
الإدارية وهذا لتحسين تنظيم المصالح العامة وإتقان أساليب الإدارة وفنونها وقد تتابعت المؤتمرات
الدولية في
هذا الاتجاه لتسهم بدور كبير في حركة انتعاش الدراسات
الإدارية . لكن مهما يكن من الحال فإن القانون
الإداري وأن تميز عن علم الإدارة العامة فهما وثيقا الصلة بالرغم من أن علم الإدارة العامة نشأ مستقلا عن
علم القانون الإداري في الو .م.أ فعلم الإدارة نشأ أصلا في فرنسا في كنف القانون الإداري وظل الارتباط
قائما بينهما عبر كافة المراحل التاريخية وبعد تعقد
المشاكل في الدول الحديثة اتخذت الدراسات الإدارية
طابعا خاصا غلب فيه الطابع الفني على الطابع القانوني ليستقل علم الإدارة العامة عن القانون الإداري بحيث
أصبح علم الإدارة ا لعامة يبحث في الجوانب الفنية المتعلقة بالتنظيم الإداري والتوظيف والتدريب واستخدام
الأساليب الإدارية في ممارسة النشاط الإداري بينما
بقيت الجوانب القانونية كهذه المسائل من مجالات القانون
الإداري وقد تتخذ الإدارة أحدى المعنيان المتباينان:
-1- المعنى العضوي أو الشكلي: وهو مجموع الهياكل أو المنظمات التي تقوم بتحقيق تدخل الدولة في
حياة الأفراد اليومية وذلك تحت إشراف السلطات السياسية فيها ويتدرج تحت هذا المدلول السلطات المركزية
والسلطات اللامركزية الإقليمية وغير الإقليمية.
-2- المعنى الوظيفي أو الموضوعي : وينظر إلى الإدارة على أنها النشاط الذي تحققه الهيئات والسلطات
السالفة الذكر والذي يؤدي إلى اتصال الإدارة بمعناها العضوي بالأفراد فيجعلهم مستفيدين من
الخدمات التي
يقدمها النفع العام فالقانون الإداري هو الذي يعين
الإدارة بمعنييها العضوي والوظيفي.
2003/11/06
* فالقانون الإداري باعتباره قانون حديث النشأة فلا يرجع تاريخه إلى أكثر من القرن الماضي بل أنه
لم يكتمل نموه إلا في بعض الدول ولعل فرنسا هي الدولة الوح يدة التي اكتمل فيها هذا القانون لكون مدلوله
مرتبط تمام الارتباط بتاريخ فرنسا
الإداري منذ قيام الثورة الفرنسية في سنة 1789 كون رجال الثورة
الفرنسية ولظروف اجتماعية خاصة بهم قد فسروا مبدأ
الفصل بين السلطات تفسيرا جديدا لم يكن يطبق في
الدول التي كانت آخذة به آنذاك (مثل إنجلترا، بريطانيا، و .م.أ ) ومبدأ الفصل بين السلطات لما يخص علاقة
السلطة القضائية بالسلطة الإدارية يحمل تفسيرا ذا شطرين:
1. الشطر الأول : أن تختص كل من السلطتين الإدارية والقضائية بما يدخل في وظيفتها فلا تقوم
الإدارة إلا بالإشراف على المرافق العامة تحت إشرافها كما لا يفصل في المنازعات إلا القضاء.
2. الشطر الثاني : أن تستقل كل سلطة
عن الأخرى وتنجو من التأثير عليها في أداء وظائفها وتفسير
هذا المعنى لمبدأ الفصل بين السلطات بشكل جيد إلا
فيما يخص مقاضاة الإدارة فالمحور الأنجلوجماعوني
(إنجلترا، بريطانيا، الو.م.أ) رغم أنها تطبق مبدأ الفصل بين السلطات في أقصى صوره لم ترى مانعا في
إخضاع شؤون أقضية الإدارة للسلطة القضائية وعلى العكس من ذلك قرر رجال القانون وزعماء الثورة
الفرنسية أن استقلال السلطة الإدارية عن السلطة القضائية يستلزم أن تستقل الإدارة
بالفصل في من ازعاتها
24 أوت 1790 والذي يمنع السلطة القضائية ويحرم عليها /
ووضعوا لذلك النص الأساسي وهو قانون 16
النظر في المنازعات الإدارية وقد كان هذا النص اللبنة الأولى في بناء سرح القانون الإداري بمعناه الحديث.
- معايير القانون الإداري :
من بين الأسباب التي أدت إلى إبراز مشكلة ظهور
الإدارة العامة هو تحديد المقاييس التي يستخدمها
رجال القانون في التعريف بالإدارة العامة أو القانون الإداري وأهم المعايير التي أثارت الجدل هو المعيار
العضوي أو الشكلي أو المعيار الموضوعي أو الوظيفي
فهل القانون الإداري هو قانون الإد ارة منظور إليها
بوصفها مجموعة أعضاء أو أجهزة لممارسة نشاط
معين أو هو قانون الوظيفة الإدارية؟
1.المعيار الشكلي : ينظر إلى الإدارة من الزاوية
العضوية أي بالنظر إلى صفة أو شكل الشخص الذي
اتخذ الإجراء أو مارس النشاط فإن كان التصرف صادر من شخص يتخذ الشكل الإداري يكون الإجراء
المحاضرة الثانية
إداريا. فالإدارة وفق هذا المعيار مجموعة أجهزة في الدولة تمارس نشاطها بوصفها جهات إدارية توصف
بالوصف الإداري فنشاطها مهما كانت طبيعة الذاتية أو
هدفه أو مضمونه يكون نشاطا إداريا فيكفي إلحاق
الصفة الإدارية بنشاط معين أن يكون صادرا عن جهة إدارية في توظيف الهيئات العامة في الدولة وتدخل
ضمن نطاق التنظيم الإداري كالإدارة المركزية واللامركزية والمؤسسات ذات الصبغة الإدارية.
2.المعيار الموضوعي أو الوظيفي : وفقا لهذا المعيار فالاعتداد يكون لموضوع النشاط
ومضمونه ويمكن
تعريفه بالنظر إلى غاية النشاط التي يستهدفها الجهاز
الإداري والتي لا يمكن أن تخرج عن المصلحة العامة
(تلبية الحاجيات العامة ) ففي مجال التشريع تكون الوظيفة موضوعا هي القوانين والأعمال المشرعة التي
يقوم بها المشرع وفي مجال الإدارة فالوظيفة هي الأعمال الإدارية بمختلف أشكالها ولابد أن تستهدف هات ه
الوظيفة غاية معينة والتي قد تتضمن عناصر غير قانونية
وعناصر نفسية ترتبط بالقصد بالغاية من ممارسة
ومن ثم يتحلل المعيار ويشمل الغاية من النشاط كذلك Gerard Timist النشاط كما يرى ذلك الفقيه
(المعيار الوظيفي) وغالبية فقهاء القانون الإداري يمزجون بين هدف وغاية النشاط في المعيار الموضوعي.
المفاصلة بين المعيارين:
يبقى الخلاف محصورا بين الفقهاء حول أي المعيارين
أسلم في تعريف الإدارة وقد أثار الخلاف
مناقشات طويلة فقام البعض باعتبار أن المعيار العضوي
هو السيد في القانون الإداري وتعريف الإدارة
العامة وأنه معيار واضح به تتحقق الغاية من تطبيق القانون الإداري.
* غير أن المعيار الموضوعي الذي يعتمد على جوهر النشاط يكون من ناحية أخرى أقرب منطقية
للأخذ به لأن العبرة دائما بالمضمون والجوهر لا بشكل الجهاز والحقيقة أنه لا سبيل لتعريف القانون
الإداري بالاعتماد على أحد المعيارين دون الآخر ولابد من الجمع بينهما حتى نصل إلى تعريف صحيح
شامل للقانون الإداري ومؤسساته
المختلفة.
فالقانون الإداري هو القانون الذي يحكم الهيئات الإدارية في قيامها بوظيفتها الإدارية وإذا كانت كلمت
الإدارة التي يرتبط بها مدلول القانون الإداري تفهم في اللغة الجالية على أنها الإدارة
العامة فإنها تفهم أيضا
على أساس أنها تتميز من نشاط الأفراد كما تتميز من
النشاطات العامة الأخرى في الدولة ومن هنا لا سبيل
على الوقوف للمعنى الصحيح للإدارة والقانون الإداري إلا بعد معرفة أسس الاختلاف التي تميزها من نشاط
الفرد من ناحية وصور النشاط العام المختلفة من ناحية أخرى لصعوبة التمييز بينهما.
التمييز بين صور النشاط العام المختلفة على أسس المعيار الموضوعي:
يعتبر أصحاب المدارس المادية أو الموضوعية أن التمييز بين الأعمال القانونية المختلفة يقوم على
ماهية هذه الأعمال ويحللونه ا
تحليلا داخليا ويجردونها تجريدا تاما من صفة الجهاز الذي يقوم به ا. ولا
يعطون للشك اهتمام لأن المعيار الموضوعي هو الذي يأخذ
في الاعتبار طبيعة العمل الذاتية بغض النظر عن
ملابساته الشكلية وعناصره الإجرائية ويتجلى الفرق بين النشاط الإداري وصور النشاط العام الأ خرى في
الدولة في الجوانب التالية:
1.التمييز بين النشاط الإداري والنشاط التشريعي:
- فإذا كان التشريع يتميز بالعمومية والتجريد ويتناول وضع القواعد العامة التي تضمن
صور النش اط
المختلفة في الدولة سواء منها النشاط العام أو الخاص،
فإن الإدارة العامة مهمتها تكمن في التنفيذ
والأغراض
يتميز بصفتين الاستمرار Jean.Rivero التي يستهدفها القانون وبذلك يتميز النشاط الإداري كما
يقول الفقيه
والتجديد وهاتان الصفتان تميزان ماديا أم موضوعيا ل لنشاط الإداري من النشاط التشريعي ورغم
أن كون هذه
الخصائص غير محققة دائما كون الأعمال التشريعية قد
تصدر في مخاطبة شخص بذاته مع ذلك فهي تمتاز
بمرتبة التشريع وقد تصدر الإدارة قرارات تنظيمية عامة
ومجردة " كاللوائح التنظيمية " "ولوائح الضبط
الإداري" وكل هذه اللو ائح وأخرى تخضع للرقابة الإدارية عكس الأعمال التشريعية بمختلف أنواعها مما يبين
أن المعيار المعتمد به على المعيار الموضوعي وفق ما استقر عليه القضاء المصري.
2.التمييز بين النشاط الإداري والنشاط القضائي:
- إذا كانت وظيفة القاضي هي تطبيق القانون في كل المنازعات وتنتهي مهمته في تطبيق حكم القاعدة
القانونية العامة على المنازعة المعروضة عليه فإن النظام (أو الإدار ة) وإن كانت كذلك تخضع
للقانون فإنها
تعمل من تلقاء نفسها دون انتظار لقيام خصومة أو
منازعة فالإدارة تعمل في إطار القانون الإداري بهدف
تسيير المرافق العامة لإش باع حاجات الجمهور بينما يستهدف القاضي في نشاطه مجرد احترام القانون
فالإدارة بذلك تتمتع بسلطة تقديرية في ممارسة نشاطها ولها سلطة أوسع وحرية غير السلطة التي يتميز بها
القاضي إلا أن هذا الفارق لا يعني أن يكون سوى مجرد اختلاف في الدرجة ولا يحسم على
الطبيعة في
التفريق بين الإدارة والقضاء لأنه قد يتدخل القاضي
(وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق ) في الجوانب
الجزائية
لتحريك الدعاوي العمومية دون وجود منازعة فقد تتدخل الإدارة في فك نزاع وتصدر قرارها بفضه أو بحله
ومن ثم لا يكون المعيار الموضوعي وحده إمكانية التمييز بين الوظ يفتين وكان لابد من استخدام إلى جانبه
المعيار الشكلي أو العضوي.
3. الوظيفة الإدارية والوظيفة الحكومية:
لقد حاول البعض استخدام المعيار الموضوعي للتمييز بين
الوظيفة الإدارية والوظيفة الحكومية فقيل أن
الحكومة هي محور السلطة التنفيذية وأن الإدارة ليست إلا أدا تها التي تحقق بها أغراضها أو أهدافها فتقوم
الحكومة برسم الخطوط العريضة التي تسير عليها الإدارة وتحدد لها طريقا وأهدافا عامة لأنشطتها وقيل في
التمييز بينهما كذلك أن الأولى بيد السلطة المركزية
والثانية موزعة بين إدارة مركزية وإدارات
لامركزية
(و.إ) ولا تخضع ا لوظيفة الحكومية سوى لرقابة البرلمان لا القضاء على العكس من الوظيفة الإدارية بحيث
للأفراد الطعن في سلامة الأعمال الإدارية أمام الجهات القضائية المختصة ولا تكون لهم إمكانية
ممارسة هذا
الحق (حق الطعن ) إزاء الأعمال الحكومية ولكن هذه
التفرقة لا يمكن أتكون مجالا للتمييز ذلك أن السلطة
التنفيذية قد تمارس أعمالا لا تخضع لرقابة القضاء وأعمال وتصرفات أخرى تخضع للرقابة مما يجعل من
التمييز بين الوظيفتين صعب وهو ما جعل بعض فقهاء القانون الإداري يعتبرون أن الأعمال الحكومية هي
تلك المتعلقة بأمهات الأمور والمسائل الخطيرة و القرارات السياسية والاقتصادية (إعلان
حالة حرب،
المخططات الاقتصادية، الإنظمام إلى المعاهدات وغيرها
من المسائل السياسية ) أما الإدارة فمهمتها اتخاذ
George Vedel الإجراءات لإشباع الحاجات
العادية للمواطنين والقيام بالأعمال المادية وهذا ما أقره
الفقيه
ومهما يكن من الحال فالحدود بين الوظيفتين منهارة وهذا لتداخل الوظيفتين واستحالة الفصل بينهما
في بعض
الأحيان ومن هنا فالمعيار الموضوعي فشل في التمييز بي
النشاطين وتبقى نفس الصعوبة إذا اعتمدنا على
المعيار العضوي لوحده ذلك أن القائمين على ممارسة الوظيفة الحكومية هم نفسه م المكلفين بالوظيفة الإدارية
فرجال الحكومة هم نفسهم رجال الإدارة.
2003/11/13
التمييز بين صور النشاط العام المختلفة على أساس المعيار العضوي(الشكلي):
ويقابل الاتجاه السابق ويجعل من صفة العضو والإجراءات التي يمارس من خلالها النشاط والمعيار
الحاسم في التعرف على نوع النشاط ويعتمد على ظاهر النشاط دون باطنه فيكون النشاط الإداري متميزا
لكونه صادرا عن جهة إدارية تتخذ الوصف الإداري وتتبع في ممارستها لنشاطها الإجراء ات والأشكال
الإدارية وعلى العكس يكون غير إداري كل نشاط لا يصدر
عن جهة إدارية أو لا يتخذ الشكل والإجراءات
الإدارية وحتى ولو كان في مضمونه ومادته شبيها بالأعمال الإدارية فأعمال الدولة في نظر أنصار هذا
المعيار لا تختلف باختلاف موضوعها أو مادتها بل باختلاف الهيئة التي أصدرته.
ضرورة الجمع بين المعيارين:
والصحيح في نظر جل الفقهاء وعلماء القانون الإداري
أنه لابد من الجمع بين المعيارين للتعريف
بالإدارة والقانون الإداري و إلا كان التعريف قاصر ا. وعلى ذلك يكون القانون الإداري هو قانون الإدارة
العامة وأن هذه الأخيرة لها مضمون مادي معين وتمارس بواسطة أجهزة أو هيئات معينة و بعبارة أخرى
يكون القانون الإداري هو النشاط الذي تمارسه السلطات الإدارية المختلفة مستخدمة امتيازات
أو أساليب
فلا سبيل إلا تمييز العمل الإ داري J.Rivero السلطة العامة لإشباع حاجات عامة كما جاء في تعريف
الفقيه
من صور النشاط العام الأخرى في دولة على أساس الهدف لأن هدف كل السلطات العامة هي المصلحة
ولا سبيل في ذلك إلى تعريف العمل الإداري بالنظر إلى المضمون WALINE العامة كما اعتبر ذلك الفقيه
أو الموضوع لأن كثيرا من الخصائص التي تميز العمل الإداري من صور النشاط العام قد ثبت محدوديتها
كما أنها ليست حكرا على النشاط الإداري دون غيره من
صور النشاط العام فالأعمال الإدارية والأنشطة
الإدارية ليست جميعا من صبغة واحدة ولا تتمتع بنفس الخصائص والسمات وهذا ما جعل البعض يعرف
الإدارة والعمل الإداري عن طريق الاستبعاد على عن طر يق التحديد باعتبار الإدارة هي مجموعة الأعضاء
أو الأجهزة العامة التي ليست بالسلطات التشريعية والقضائية في الدولة والتي ليست لها
نفس نشاط هذه
الأجهزة من ناحية الموضوع.
المدلول الضيق والمدلول الواسع للقانون الإداري:
يبدو في التعريفات السابقة سواء المستندة على المعيار
العضوي وتلك المستندة على المعيار
الوظيفي أن
القانون الإداري يوجد في كل المجتمعات المنظمة التي يوجد فيها سلطة إدارية تتوالى الأعمال الإدارية