السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاهتلاك
يشير الاهتلاك amortization إلى قيمة ما تتحمله المدة المحاسبية (الدورة المالية) من النفقات الناجمة عن حيازة الأصول طويلة الأجل (الأصول الثابتة أو النفقات الرأسمالية) بهدف عدالة قياس الدخل (الربح) الدوري والمحافظة على رأس المال سليماً.
يستخدم النظام المحاسبي الموحد في سورية الصادر بالمرسوم رقم287 تاريخ 25/1/1978 مصطلح الاهتلاك، أمّا النظام المحاسبي الموحد في مصر فيستخدم مصطلح الإهلاك، والنظام المحاسبي الموحد في العراق يستخدم مصطلح اندثار للدلالة على المعنى نفسه.
إلا أن المصطلح الشائع في أدبيات المحاسبة في اللغة العربية هو الاستهلاك مع ما يثيره هذا المصطلح من التباس بسبب استخدام الاقتصاديين المصطلح نفسه للدلالة على الاستهلاك النهائي.
فإذا اشترى المشروع سيارة مثلاً فإن هذه السيارة تعد نفقة رأسمالية أو أصلاً ثابتاً يهتلك على عدة فترات محاسبية، ويتناسب اهتلاك كل فترة محاسبية مع عدد الكيلو مترات التي قطعتها السيارة في تلك الفترة المحاسبية أو الدورة المالية (سنة غالباً)، ويحمل هذا الاهتلاك على حسابات النتائج عن تلك المدة كي تتحمل نتائج الدورة مقابل ما استفادته هذه الدورة من السيارة لتكون الأرباح المحسوبة دقيقة، لأن التوصل إلى الربح الحقيقي غير ممكن إلا إذا حُوْفِظَ على قيمة الأصول الرأسمالية الثابتة في نهاية الدورة المالية كما كانت عليه في بداية الدورة عن طريق تشكيل مخصص (مؤونة) الاهتلاك الذي يتجمع ليصبح في نهاية العمر الإنتاجي للأصل الثابت قادراً على أن يستبدل بالأصل القديم أصلاً جديداً يحافظ على المقدرة الإنتاجية للمشروع.
وهكذا يعد الاهتلاك نفقة دورية تُحمّل على حسابات الدورة، وهو مخصص تحميلي يظهر في قائمة المركز المالي (الميزانية العمومية) مع مصادر التمويل الخاصة المعززة لرأس المال، وقد يطرح الاهتلاك من الأصل الثابت نفسه لتسهيل ربط قيمة الأصول الطويلة الأجل بمخصصات الاهتلاك الهادفة إلى الاستعاضة عنها عند انتهاء عمرها الإنتاجي، وهي الممارسة الأكثر شيوعاً بين المحاسبين والمحللين الماليين.
ولما كان الاهتلاك توزيعاً لتكلفة الأصل على حياته الإنتاجية ماعدا قيمة النفاية، كانت هذه التكلفة تمثل للمشروع ثمن شراء هذا الأصل إلاَّ الفوائد عن التقسيط. غير أن خضوع المشروع لضغوط تضخمية شديدة قد يجعل مخصصات الاهتلاك المجمعة في نهاية العمر الإنتاجي غير كافية لتبديل الأصل، مما يهدد إمكانية استمرار المشروعويعرضه للتصفية أو الإفلاس. وهذا ما دفع بعض كتاب المحاسبة إلى القول بقياس الاهتلاك على أساس تكلفة الفرصة المضاعة المبنية على أساس القيمة الاقتصادية للأصل الثابت من دون الاكتفاء بتكلفته النقدية. وقد نص المعيار الدولي 29 الصادر عن الاتحاد الدولي للمحاسبين IFAC على هذا الإجراء ضمن مجموعة إجراءات أخرى تهدف إلى الدقة في قياس الدخل وبيان المركز المالي للمؤسسة المعنية.
أنواع الاهتلاك
يقسم الاهتلاك إلى أنواع ثلاثة هي: الاهتلاك الرأسمالي amortization والاهتلاك المادي depreciation والاستنفاد depletion.
1ـ الاهتلاك الرأسمالي: يهدف الاهتلاك الرأسمالي، أو ما يشار إليه أحياناً بالتغطية، إلى استرداد قيمة الأصول المعنوية غير الملموسة كبراءات الاختراع والعلامات التجارية، والأبحاث والتجارب ذات الطبيعة الرأسمالية، فيحمل عبء الاهتلاك دورياً إلى حسابات النتائج، على مدة تتناسب مع المدة القانونية المحددة باهتلاك الحقوق. وقد تقتضي الأوضاع الاقتصادية اهتلاك هذه الحقوق في مدة أقصر من المدة القانونية. وفي بعض الحالات يقتضي اهتلاك كامل أرصدتها الدفترية في فترة محاسبية واحدة حين يتضح أن هذه الأصول قد فقدت أهميتها الاقتصادية كلها أو معظمها. وتخضع الشهرة والحملات الإعلانية ونفقات التأسيس لهذا النوع من الاهتلاك الرأسمالي.
كما يخضع للاهتلاك الرأسمالي حقوق الامتياز أو التنقيب ومكافآت أو علاوات التوقيع أو الاكتشاف التي تدفعها شركات النفط للدول أو الأشخاص، الذين يجري الاستكشاف والتنقيب في أراضيهم، وتكون مدة الاهتلاك الرأسمالي (أو الاسترداد) في هذه الحالة متفقة مع نصوص العقد. وقد يعد هذا النوع من الاهتلاك تخفيضاً لقيمة الشهرة، إذا كان الاهتلاك يتم مع استمرار المشروع في تحقيق أرباح زائدة.
ويُحْتَسَبُ الاهتلاك الرأسمالي على أساس زمني من دون مراعاة ساعات التشغيل أو مهارة العاملين أو تدريبهم.
2ـ الاهتلاك المادي: هو الاهتلاك الذي يحتسب للأصول المادية الملموسة كالآلات والمعدات والتجهيزات والأثاث والمباني والآليات والسيارات، ويتأثر هذا النوع من الاهتلاك بالعوامل الثلاثة الآتية: تكلفة الأصل ومستوى التشغيل والتدريب وقيمة النفاية.
آـ تكلفة الأصل: تتمثل عند التقليديين بالمبلغ النقدي المدفوع من قبل المشروع لحيازة الأصل واستخدامه في عمليات المشروع، أما عند المحدثين فتمثل التكلفة الاقتصادية، التي تأخذ في الحسبان تغيير مستوى الأسعار العامة بفعل التضخم أو الانكماش، إلى تغيير مستوى الأسعار الخاصة، التي تأخذ في الحسبان نوعاً معيناً من الأصول، وتتأثر بالأوضاع الاقتصادية في صناعة بعينها وبالاختراعات التكنولوجية التي تؤدي إلى تقادم الأصول القديمة، وعدم قدرتها على المنافسة، وإن أكثر مفهومات القيمة ملاءمة في هذا المجال هي تكلفة الاستبدال، إذ يحتسب الاهتلاك على أساس تكلفة الاستبدال وليس على أساس التكلفة التاريخية. ويدور جدل حول مفهوم تكلفة الاستبدال إذ يرى بعض كتاب المحاسبة أنها تمثل تكلفة استبدال أصل مماثل للأصل الموجود لدى المشروع بغض النظر عن التغيرات التكنولوجية في حين يرى بعضهم الآخر، ويؤيده مجمع المحاسبة في أمريكة A.A.A، ضرورة أخذ التغيرات التكنولوجية بالحسبان. ومن شأن الأخذ بهذا الاتجاه إعادة تقويم الأصل واحتساب قسط الاهتلاك على أساس القيمة الاستبدالية في تاريخ القوائم المالية.
ب ـ مستوى التشغيل والتدريب: إن تشغيل الأصل على نحو مستمر مدة أربع وعشرين ساعة يومياً يجعل العمر الإنتاجي أقصر من تشغيل الأصل ثماني ساعات فقط. كما أن تنفيذ برامج صيانة منظمة يؤدي إلى إطالة العمر الإنتاجي للأصل. وإذ تعد نفقات الصيانة بمنزلة النفقات المدفوعة أو المستحقة الدفع وهي نفقات إيرادية فإن الاهتلاك يمثل نفقة محتسبة لا يجري دفعها لأطراف خارجية بل تسجل في حسابات المشروع.
وكذلك إن تدريب العاملين وحرصهم على أصول المشروع، يطيل من العمر الإنتاجي للأصول. على عكس العمالة غير المدربة التي تسيء استخدام الأصول وتؤدي إلى تقصير عمرها الإنتاجي.
جـ ـ قيمة النفاية: وهي القيمة التي يتوقع أن يحصل عليها المشروع عند انتهاء العمر الإنتاجي للأصل وبيعه من الآخرين. فإذا اشترى المشروع آلة يقدر عمرها الإنتاجي بعشر سنوات بمبلغ 110000ل.س، وقُدِّر أنه عند انتهاء العمر الإنتاجي يمكن أن يبيع النفاية بمبلغ 10000 ل.س يكون قسط الاهتلاك السنوي على أساس القسم الثابت.
وقد تهمل قيمة النفاية في كثير من الحالات، لأن تكاليف تحويل الأصل إلى «خردة» من فك ونقل قد تقابل قيمة النفاية التي يمكن الحصول عليها.
وعلى العكس من ذلك قد يقتضي الأمر تدمير المباني المشيَّدة لإعادة الأرض إلى الحالة التي كانت عليها، عندئذ لابد من إضافة تكاليف الهدم إلى تكلفة الأصول المشيدة وتقسيم الناتج على العمر الإنتاجي للتوصل إلى قسط الاهتلاك عدا الأرض التي لا يؤدي الاستخدام أو مرور الزمن إلى تخفيض قيمتها لكن الاهتلاك ينصب على نفقات التسوية والتحسين، التي يؤدي استغلال الأرض إلى تخفيض قيمتها. أمَّا المباني المشيدة على الأرض فهي وحدها موضوع للاهتلاك من دون قيمة الأرض، مما يقتضي فصل قيمة المباني عن قيمة الأراضي في السجلات المحاسبية.
3 ـ الاستنفاد: أو النفاد يعبر عن النقص الذي يطرأ على قيمة الأصول المتناقصة (كآبار النفط، أو مناجم الفحم أو مناجم الملح أو مكامن المعادن) من استخراج الثروة الطبيعية من باطن الأرض. ويقاس الاستنفاد بالنقص الذي يطرأ على الاحتياطيات منسوبة إلى قيمة الأصول المتناقصة، وذلك بتقسيم تكلفة الأصل المتناقص (أي إجمالي القيمة المستثمرة في إيجاد ذلك الأصل وفي تطويره وإعداده للإنتاج) على الكمية التي ستُستخرجُ منه طول عمره الإنتاجي، فيكون الناتج معدل النفاد. وبضرب هذا المعدل بقيمة الإنتاج السنوي يحصل على نصيب الدورة المحاسبية (السنة) من نفقات النفاد.
طرائق حساب الاهتلاك
ثمة عدة طرائق بديلة لحساب الاهتلاك أهمها:
1 ـ طريقة القسط الثابت: تعد في أبسط الطرائق وأكثرها شيوعاً، إذ توزع قيمة الأصل على حياته الإنتاجية توزيعاً متساوياً بعد طرح قيمة «الخردة» النفاية إن وجدت.
2 ـ طريقة الرصيد المتناقص: وتعد هذه الطريقة إحدى طرائق الاهتلاك المعجل، وتهدف إلى تحميل السنوات الأولى رصيداً أكبر من الاهتلاك لحساب السنوات الأخيرة من العمر الإنتاجي. وطبقاً لهذه الطريقة يُضَاعف معدل الاهتلاك على أساس طريقة القسط الثابت، ويطبق هذا المعدل المضاعف على التكلفة القابلة للاهتلاك.
3ـ طريقة مجموع سنوات الاستخدام: هي طريقة أخرى من طرائق الاهتلاك المعجل، يوزع فيها جزء أكبر من قيمة الأصل على السنوات الأولى من استخدامه: فيأخذ معدل الاهتلاك صورة كسر عادي يكون فيه البسط عدد السنوات المتبقية من العمر الإنتاجي للأصل، أما مقام الكسر فيكون مجموع عدد سنوات العمر الإنتاجي. وإن ضرب هذا المعدل بالقيمة الخاضعة للاهتلاك أعطى قسط الاهتلاك في عام معين. ففي سيارة عمرها 4 سنوات يكون معدل الاهتلاك في
السنة الأولى
وفي السنة الثانية
وفي السنة الثالثة 2/10
وفي السنة الرابعة
وثمة طرائق أخرى قليلة الاستخدام كطريقة الدفعة المستثمرة التي تهدف إلى استثمار أقساط الاهتلاك فتؤدي جملة الدفعات والأقساط في نهاية العمر الإنتاجي إلىقيمة الأصل الثابت، وطريقة الأقساط المتزايدة وهي عكس طريقة الأقساط المتناقصة، وطريقة احتياطي الاهتلاك التي تعد الاهتلاك توزيعاً للربح وليس عبئاً عليه، أي إنها تحتسب الاهتلاك في السنين الرابحة ولا تحتسبه في السنين الخاسرة وتترك معدلاته لتقديرات الإدارة، وهي طريقة مرفوضة علمياً وغير مستخدمة إلا في بعض المشروعات الفردية إذ إن الاهتلاك هو عبء على الربح وليس توزيعاً له.
الاهتلاك المعجل
هو سياسة تستهدف التعجيل بالاهتلاك لتشجيع المشروع على تبديل أصوله الثابتة وتحديثها بوقت أقل. ويكون تطبيق هذه السياسة بتبني بعض طرائق الاهتلاك كطريقة القسط المتناقص أو مجموع سنوات الاستخدام. وقد يتبنى المشروع طريقة القسط الثابت لكنه يقصر العمر الإنتاجي، فإذا كان عمر الآلة المتوقع 10 سنوات فمن أجل معدل تعجيل قدره 50% يصبح العمر المحسوب 5 سنوات.
منقــول للأمــــــــــــــــــــــــــــانة
أنتظر ردوكـــــــــــــــــــــــــــــــم
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام