السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الخصخصة
أولاً: تعريف الخصخصة
هي عملية اتفاقية يتم بمقتضاها نقل ملكية المشروعات من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وبتحليل هذا التعريف يمكن تحديد عناصر عملية الخصخصة la privatisation بما يأتي:
1- الخصخصة هي نقل ملكية: وبالتالي فإن كل عملية لا تتضمن نقل الملكية بالمعنى المتقدم لا يمكن اعتبارها من قبيل الخصخصة، ومن قبيل ذلك:
أ ـ تحول الشكل القانوني للمشروع العام: إذ إن تحول أحد المشروعات العامة من شكل مؤسسة عامة إلى شركة مساهمة لا يعد من قبيل الخصخصة، طالما بقيت أغلبية رأس مال الأخيرة مملوكة للدولة أو لمؤسسة عامة تابعة للدولة أو لهيئة عامة.
ب ـ مشاركة المشروع العام في رأس مال المشروعات الخاصة: إذ لا يعدّ من قبيل الخصخصة المشاركة المالية لأي شخص معنوي عام في رأس مال شركة خاصة، وذلك إذا كانت هذه المساهمة لا تقترن بنقل الأصول التي يمكن أن تشكل في حد ذاتها مشروعاً، وكذلك لا يُعدّ أيضاً من قبيل الخصخصة مساهمة أحد أشخاص القانون الخاص في رأس مال المشروع العام.
ج ـ تصفية المشروع العام: حيث تختلف التصفية عن الخصخصة اختلافاً كبيراً، على الرغم من أنهما يشتركان في نقطة التقاء واحدة، حيث يعد كلاهما أسلوباً لإنهاء ملكية الدولة للمشروع العام، أما من دون ذلك فإن التصفية لا تعني إعادة تأهيل المشروع، إنما خروجه من مجال الأعمال كلياً، أما خصخصة المشروع فتعني استمرار هذا المشروع، وانتقال ملكيته إلى القطاع الخاص.
2- الخصخصة عملية تعاقدية operation contractuelle إذ إن نقل المشروع العام وفقاً لآليات الخصخصة لا يتم إلا بالاتفاق، فالخصخصة عملية تعاقدية تبدأ بالإيجاب من جانب الدولة، وتلقى قبولاً من أحد أشخاص القانون الخاص.ولا تكون الخصخصة واقعة إلا من اليوم الذي يتم فيه إبرام الاتفاق.
وعلى الرغم من كون الخصخصة عملية تعاقدية فإنها تختلف عن تفويض مرفق عام الذي هو أسلوب تعاقدي لإدارة المرافق العامة، بحيث تقوم الإدارة في هذه الحالة بنقل إدارة المرفق إلى القطاع الخاص، مع احتفاظها الكامل بملكيته، وبحق ممارسة سلطة التنظيم عليه pouvoir reglementaire، وذلك في مقابل حق المتعاقد باقتضاء مقابل مالي لقاء إدارة المرفق من المنتفعين من خدمات هذا الأخير، على أن يقوم في نهاية مدة التفويض بإعادة المرفق محل التفويض بحالته الجيدة إلى الإدارة، ومن أمثلة ذلك عقود التزام المرافق العامة contrats de concession de service public وعقود الامتياز وغير ذلك.
ويلاحظ أن التفويض يتشابه مع الخصخصة من حيث كونه عملية تعاقدية بين الإدارة القوامة على مرفق عام معين وإحدى جهات القطاع الخاص، ولكنه يختلف عن الخصخصة بعمق لأن محل التفويض هو استغلال المرفق وليس نقل ملكيته، حيث تحتفظ الإدارة دوماً بسيادتها عليه، وكل ما في الأمر أن المتعاقد يستغل هذا المرفق مدة معينة بدلاً من الإدارة العامة، أما الخصخصة فهي نقل للمشروع العام بصورة نهائية إلى القطاع الخاص.
3- الخصخصة عملية تؤدي إلى نقل ملكية المشروع العام إلى القطاع الخاص: حيث إن نقل الملكية في إطار عمليات الخصخصة لا يمكن أن يتم إلا إلى جهة من جهات القطاع الخاص، ويقصد بالقطاع الخاص أي جهة أو شخص بخلاف القطاع العام، سواء داخل البلاد أو خارجها، وسواء أكان مواطناً أم أجنبياً.
4- محل الخصخصة: المشروعات العامة les entreprises public إذ لا ترد الخصخصة إلا على مشروع عام، ولا يكون المشروع عاماً إلا إذا كانت الدولة أو أي شخص عام مالكاً لأغلبية رأس المال فيه، وبالتالي لا يعد من قبيل الخصخصة انتقال ملكية المشروعات التي لا تكون الدولة أو أحد الأشخاص العامة مالكاً فيها لأغلبية رأس المال.
ثانياً: التطور التاريخي للخصخصة، والانتقال من التأميم إلى الخصخصة
ساد القرن التاسع عشر خاصة النظام الليبرالي التقليدي الذي يقوم على الحرية المطلقة للقوى الاقتصادية ضمن السوق، وبتحقيق التوازن الاقتصادي عن طريق تفاعل العرض والطلب والمنافسة التلقائية، وذلك من دون أي تدخل من جانب الدولة، وبما يؤدي بالتالي إلى تضاؤل دور الأجهزة الحكومية ليقتصر على الخدمات الضرورية مثل الأمن الداخلي والخارجي وتوفير العدالة، إلا أن القرن العشرين حمل أفكاراً مغايرة عن دور الدولة، حيث تطور دورها من مجرد حارس، إلى مشارك في مختلف نواحي النشاط الاقتصادي والاجتماعي المختلفة، وتمثل ذلك في العمل على توفير عدد من الخدمات والسلع الرئيسية للمواطنين، وظهرت بالتالي أفكار عن دولة الرفاهية، والتي تصاعدت خاصةً مع ظهور الأفكار الاقتصادية لكينز والتي أوضحت أن الاستقرار الاقتصادي وتحقق مستوى معقول من النشاط قد يتطلب تدخلاً مباشراً من الدولة في الإنفاق العام لضمان مستوى كاف من الطلب الفعال، ومن ثم جاءت الحرب العالمية الثانية بكوارثها الاقتصادية خصوصاً لتزيد من الدور الاقتصادي والاجتماعي للدولة، كما تعاظم دور الدولة في الدول المستقلة حديثاً، والتي واجهت تحديات التنمية الاقتصادية، والتي لم يكن ممكناً أن ينهض بأعبائها سوى الدولة، بسبب قصور إمكانات الرأسمال الخاص المحلي، وضعف كفايات التنظيم لدى الأفراد، وقد دعم كل هذه الاتجاهات الانبهار بالأفكار الاشتراكية القائمة على نقد اقتصاد السوق وتبني الاقتصاد الموجه. وقد كان من الطبيعي في ظل هذا المناخ أن تسود حركة تأميمات واسعة لمشروعات اقتصادية كبرى أدت إلى نقل ملكية هذه المشروعات إلى الأمة، حتى ضمن أعتا الرأسماليات.
ولكن مع نهاية ستينات القرن العشرين بدأت تظهر ملامح الترهل في الاقتصاد، حتى بدت دولة الرفاهية غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، مما أدى إلى تصاعد الدعوات إلى إعادة النظر في صيغة النظام الاقتصادي، وقام تيار محافظ ينسب هذا الوهن إلى التوسع في دور الدولة في الحياة الاقتصادية، وجاء نجاح حكومة مارغريت تاتشر سنة 1979 ثم انتخاب ريغان سنة 1980 في الولايات المتحدة تأييداً لهذا التيار الذي يرغب في حكومة أصغر، والذي يدعو إلى العودة إلى السوق، وتخلي الدولة عن التدخل المباشر في الإنتاج، وبيع مؤسسات القطاع العام إلى الأفراد والمشروعات الخاصة، وبدلاً من استخدام الكلمة العكسية للتأميم وهي تنازل الأمة عن ملكيتها Denationalization، فقد اختارت تاتشر تعبير الخصخصة أو التخصيص لأن كلمة شخصي أو خاص Private تشير إلى معنى الخصوصية، وهي أكثر التصاقاً بحقوق الأفراد وحرياتهم، وقد عاصر ذلك كله أزمة المديونية في دول العالم الثالث، وهي مديونية نشأت عن ديون عامة عقدتها في أغلب الأحوال حكومات قليلة الكفاءة، لذلك تركزت نصائح البنك الدولي وصندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي على ضرورة استعادة اقتصاد السوق، ومبادرة القطاع الخاص، وتقليص دور الدولة خاصة في الإنتاج، وبحيث تصبح الدولة منظماً Regulator وواضعاً للسياسات الاقتصادية، وضامناً لحسن انتظام قواعد السوق، وبالفعل فقد تم في بريطانيا وفي المدة الواقعة بين 1980 و1988 بيع أكثر من40% من القطاع العام البريطاني إلى القطاع الخاص، إضافة إلى 16 شركة من الشركات التي كانت خاضعة لرقابة الدولة، أما في فرنسا فإنه بدءاً من سنة 1986 وفي ثلاث سنوات تم تخصيص 138 شركة قيمتها نحو 20 بليون دولار، كذلك قامت الحكومة التركية ببيع أكثر من 63 شركة مملوكة للدولة، أما في العالم العربي فقد أقدمت الحكومة المصرية على بيع أسهم شركات القطاع العام غير الاستراتيجية، إلى الأفراد وهيئات القطاع الخاص بعد صدور قانون قطاع الأعمال العام سنة 1991، كقانون انتقالي يهدف إلى تحويل شركات القطاع العام إلى شركات قطاع أعمال كخطوة أولى، تمهد في خطوة ثانية لبيعها إلى القطاع الخاص.
ثالثا: أساليب الخصخصة
تنفذ الخصخصة عن طريق أحد أسلوبين، أولهما سوق الأوراق المالية، وثانيهما البيع خارج سوق الأوراق المالية:
1- تنفيذ الخصخصة داخل سوق الأوراق المالية: يتم وفقاً لمناهج مختلفة:
أ ـ العرض العام للأسهمl’offre public de vente : تفترض هذه الطريقة تقسيم القيمة المالية للمشروع المراد تخصيصه إلى مجموعة من الأسهم، ومن ثم طرحها على العموم، وقد يقتصر هذا الطرح على السوق الداخلية أو قد يشمل السوق الدولية أيضاً، وقد يشترط عندئذ أن يكون غالبية حملة الأسهم من المواطنين، وذلك لضمان استقلال القرار الوطني في إدارة المشروع، وتستهدف هذه الطريق توسيع نطاق المشاركة الشعبية في ملكية المشروعات الاقتصادية، ويتميز هذا الأسلوب ببساطته وشفافيته.
ب ـ العرض العام للتبادل l’offre publique d’échange: مؤدى هذه الطريقة قبول تبادل أنواع من الأوراق المالية مثل شهادات الاستثمار أو سندات القروض، مقابل أسهم الشركات المراد تخصيصها، وتبدو هذه الطريقة كالمقايضة، والهدف منها تيسير الوفاء في دفع قيمة أسهم المشروعات محل الخصخصة.
ج ـ طرح الأسهم على العاملين في المشروعات المراد تخصيصها la reprise de l’entreprise par les salariés: يقوم هذا الأسلوب على أساس تخصيص أسهم الشركة المراد تخصيصها كلها أو بعضها للعاملين فيها من دون أن ينافسهم أحد من الأفراد الآخرين، أو إعطاء العاملين أولوية على غيرهم من المواطنين، أو توفير مزايا خاصة لهم في الثمن أو في شروط الدفع، أو في مزايا ضريبية، لا يتمتع بها غيرهم، ويجد هذا الأسلوب مبرره في كون العاملين في غالبيتهم العظمى من الطبقات الكادحة التي لا تملك إلا القليل وبالتالي فإنه من الضروري دعمها وتشجيعها على المشاركة في تملك أسهم شركات القطاع العام، مما يؤدي إلى زيادة ارتباطهم بهذه المشروعات، كما أن هناك مبررات سياسية أخرى لهذا الأسلوب، إذ يتوقف تنفيذ الخصخصة في بعض الأحوال، في بعض المناطق أو بعض القطاعات الصناعية، على توفير حافز مادي خاص للعاملين، ولكن لهذا الأسلوب محاذيره التي تتمثل في إمكانية هيمنة المديرين وكبار الموظفين في المشروع، مما يحول من دون استفادة العاملين الصغار بصورة واقعية من نتائج خصخصة المشروع، وذلك إضافة إلى حجب المشروع عن السوق الدولية مع ما يعنيه ذلك من خسارة استثمارات خارجية قد تكون ضرورية للاقتصاد الوطني.
د ـ طرح الأسهم على العموم القاطنين في المنطقة التي يوجد فيها المشروع: وتطبق هذه الطريقة خصوصاً إذا كان المرفق محل الخصخصة من قبيل المرافق المحلية، وتجد مبررها في كون القاطنين في المنطقة التي يوجد فيها المشروع الأكثر مصلحة في الخدمات التي يقدمها، بحكم أنه ينهض بنشاطه لمصلحتهم فقط، ويؤثر بالتالي على حياتهم تأثيراً حيوياً.
2- تنفيذ الخصخصة خارج سوق الأوراق المالية: يتم تنفيذ الخصخصة ببيع المشروع كتلة واحدة، ويتم ذلك بأكثر من أسلوب:
أ ـ البيع عن طريق المزاد العلني بطريق الإرساء التلقائي: يتم في هذه الحالة الإعلان عن البيع على المستويين الداخلي والدولي أو على المستوى الداخلي فقط، وذلك بحسب قدرة السوق الداخلية، ومن ثم تعقد جلسة علنية للبيع بين المتقدمين للمزاد، ويتم البيع للعارض الذي تقدم بالسعر الأعلى من دون الأخذ بعين الاعتبار لأي عوامل أخرى.
ب ـ البيع عن طريق المزاد العلني على أساس عدة معايير: تتم المفاضلة بين العروض المطروحة لشراء المشروع لا على أساس السعر المطروح فحسب، بل استناداً إلى عدة معايير أخرى إضافية مثل سوابق الخبرة المتوافرة لدى العارض في إدارة مشروعات مماثلة للمشروع محل البيع، أو مدى جودة الخدمة التي سيقدمها العارض عند تسييره للمرفق محل البيع.
ج ـ البيع عن طريق التعاقد المباشر: ويتم اختيار المشتري في هذه الحالة بالطريق المباشر من دون منافسة مع غيره من العارضين، بحيث يتم الاتصال به، والتفاوض معه، ومن ثم التعاقد معه على البيع، ومن دون شك فإن هذه الطريقة تفتح الباب واسعاً أمام الفساد، وقد تؤدي إلى بيع المشروع بأقل من قيمته الحقيقية.
رابعاً: ضوابط الخصخصة
1- شرعية الخصخصة ومشروعيتها: ويقصد بشرعية عمليات الخصخصة ضرورة توافر المناخ القانوني السليم لتنفيذها وقيامها، وهذا المناخ القانوني يتعلق عامة بضرورة انسجام عمليات الخصخصة مع كل القواعد القانونية السائدة في الدولة التي تنفذ فيها عمليات الخصخصة، وعلى الأخص القواعد الدستورية منها، باعتبارها تقنن القواعد العامة التي تحكم الاتجاهات الاقتصادية الكبرى للدولة، فمن غير المعقول أن تتم عمليات الخصخصة إذا كان الدستور لا يجيزها، أو يعطي أهمية كبرى للقطاع العام، ويعدّ الدستور الفرنسي من الدساتير التي أباحت الخصخصة صراحة، وبشرط أن يتدخل المشرع، ويصدر قانوناً بتنفيذها. وإضافة إلى ما تقدم فإن عمليات الخصخصة يجب أن تتم في إطار من المشروعية، بمعنى ضرورة توفير القبول الاجتماعي لها، وهو أمر يجاوز مجرد التحقق من توفير الإطار القانوني السليم إلى ضرورة خلق الشعور العام بأن هذه العمليات تتم مراعاة للمصلحة العامة، وفي إطار من العدالة والإنصاف.
2- خروج المرافق العامة ذات الطبيعة الدستورية عن نطاق الخصخصة: والمرافق العامة الدستورية les services publics constitutionnels هي المرافق العامة ذات الطابع القومي الشامل، والتي تقوم بسد الحاجات الضرورية والعامة، والتي يجب أن تستمر في عملها، وإلا تهدد بقاء الدولة ذاتها للخطر، مما يعني وجوب إبقائها تحت لواء الإدارة العامة، ضماناً لحسن استمرارها في أدائها لعملها، من دون توقف أو تعثر، وبالتالي ضرورة إبعادها عن دائرة المرافق التي يجوز تخصيصها، ولكن هدف المرافق العامة الدستورية على نوعين: مرافق دستورية تتفق مع الوظائف المرتبطة بسيادة الدولة، مثل الدفاع والقضاء والعلاقات الدولية والشرطة والضرائب، ومرافق دستورية لا ترتبط بسيادة الدولة مثل التعليم والصحة، مع ملاحظة أن النوع الأول من المرافق الدستورية لا يجوز إخضاعه لعمليات الخصخصة نسبياً أو مطلقاً، أما النوع الثاني فيمكن إخضاعه لمثل هذه العمليات نسبياً وجزئياً، بمعنى أن الدولة ملزمة بأن تقوم بالمهام التي تستلزمها كل هذه المرافق، ولكن ذلك لا يمنع من مشاركة القطاع الخاص لها في أداء جزء من هذه المهام، فإذا كان مرفق التعليم مثلاً مرفقا دستورياً يجب أداءه عن طريق الإدارة العامة فإن ذلك لا يمنع من وجود قطاع تعليمي خاص يشارك في أداء هذه المهمة ذاتها، مع عدم جواز انفراد هذا القطاع الأخير في أداء الخدمة التعليمية في الدولة.
3- ضرورة مراعاة الاستقلال القومي، وحماية المصالح القومية: إذ يجب أن لا يكون من شأن الخصخصة الإخلال بالاستقلال القومي للبلاد، ويتحقق ذلك خصوصاً عن طريق إقفال الباب أمام الأجانب للسيطرة على المصالح الحيوية في الدولة، مثل مشروعات الطاقة والاتصالات، لذلك تنص بعض القوانين على تقييد حق المستثمرين الأجانب في تملك المشروعات المخصخصة، كما هي الحال في القانون الفرنسي مثلاً، والذي لا يجوز بمقتضاه أن تتجاوز ملكية الأجانب 20% من قيمة الأسهم، كما أن القانون ذاته أجاز لوزير الاقتصاد تخفيض هذه النسبة إذا ما تطلبت حماية المصالح القومية ذلك. وتتحقق مراعاة المصالح القومية أيضاً عن طريق ممارسة أنماط رقابية معينة من قبل الدولة على تسيير المشروعات المخصخصة، ومن أهم ما تلجأ إليه الدولة لتحقيق رقابة على المشروعات نظام الأسهم الذهبية الخاصة les action specifiques، وهي أسهم نوعية أو متميزة تعطي لأصحابها حق الإدارة والهيمنة على المشروع.
4- أن يكون نقل الملكية للقطاع الخاص نظير ثمن عادل: ومعنى ذلك عدم جواز بيع المشروعات العامة الخاضعة للخصخصة بأقل من قيمتها، وذلك استناداً إلى ما تقتضيه حرمة الأموال العامة من حماية الذمة المالية للدولة ضد أي محاولة للنيل منها، واستناداً إلى مبدأ المساواة الذي يقتضي عدم جواز استفادة أشخاص محدودين من شراء مشروع عام بأقل من قيمته، ولا يكون الثمن عادلاً إلا إذا تم تقييم المشروعات وفق طرق موضوعية.
خامساً: الخصخصة في الدول النامية
يمكن رصد الكثير من المشكلات التي تكتنف عمليات الخصخصة في هذه الدول:
أ ـ قد لا تقوم الخصخصة في مناخ قانوني سليم، حيث تفقد أساسها الدستوري، كما تفقد القواعد الناظمة لهذه العمليات، مما يطبعها بطابع العشوائية والارتجال.
ب ـ ينقص عمليات الخصخصة في هذه الدول السوية الكافية من الشفافية والوضوح، حيث يلفها الفساد والغموض، ويتسم تنفيذها بانعدام قواعد الكفاية والعدل.
ج ـ تواجه بعض هذه الدول صعوبات جمة في التحول من الاقتصاد المخطط إلى اقتصاد السوق الذي يعتبر البيئة الطبيعية التي تعيش ضمنها الخصخصة.
د ـ ضعف القطاع الخاص، الذي لا يمكنه الاضطلاع بعبء مشروعات إنتاجية بمستوى المشروعات المخصخصة، مما يقود إلى الاستعانة بالمستثمرين الأجانب، من دون قيود، مع ما يحمله ذلك من تبعات قد تكون خطيرة على هوية الاقتصاد الوطني ذاته، وعلى وجوده.
هـ ـ إحجام المستثمرين الأجانب عن شراء المشروعات المطروحة للخصخصة، نتيجة عدم الثقة بقدرة السوق الداخلية على إنجاح تلك المشروعات، من حيث الجدوى الاقتصادية، وعدم الثقة بالمناخ الإداري، والأمن القانوني la sécurité juridique، كعاملين حاسمين لنجاح ذات المشروع.
و ـ مازال ينظر إلى الخصخصة في الدول النامية بعين الريبة والشك، بوصفها أسلوباً اقتصادياً مفروضاً من قبل قوى اقتصادية، وسياسية خارجية.
منقــول للأمــــــــــــــــــــــــــــانة
أنتظر ردوكـــــــــــــــــــــــــــــــم
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام