السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شومبيتر (جوزيف ـ) (1883 ـ 1950م)
جوزيف شومبيتر Joseph Schumpeter اقتصادي وعالم اجتماع أمريكي وُلد في مورافيا ـ تشيكيا وتوفي في تاكوجنس ـ كونيتيكت ـ الولايات المتحدة الأمريكية. اشتهر بنظرياته حول التنمية والدورات الاقتصادية. وتمرد على المدارس الاقتصادية السائدة في زمنه وخرج على أساتذته في مدرسة فيينا التقليدية الجديدة مبتعداً عن التحليل السكوني (الستاتيكي) محاولاً تأسيس نظرية التحليل الحركي (الديناميكي). وباهتمامه الكبير بالجمع بين النظرية الاقتصادية والإحصاء، إضافة إلى التاريخ وعلم الاجتماع. في معالجة القضايا الاقتصادية لعصره، يكون قد أدار ظهره مرة ثانية للمدرسة التقليدية الجديدة، وكذلك للمدرسة الكينزية، والكينزية الجديدة فيما بعد.
تلقى شومبيتر علومه في فيينا واهتم بالآداب الإنسانية القديمة بين عامي 1901 و1906. ودرس الاقتصاد والحقوق في جامعة فيينا. وبعد إصدار كتابه «طبيعة النظرية الاقتصادية ومحتواها الرئيس» عام 1908، حصل على كرسي الأستاذية في جامعة تشيرنوفيتز Czernowitz في عام 1909. ثم في جامعة كراز Graz في عام 1911. وفي عام 1912، نشر كتابه الشهير «نظرية التطور الاقتصادي» الذي أبرز فيه أفكاره الاقتصادية المستقلة بمواجهة المدارس السائدة آنذاك. شغل منصب وزير المالية في الحكومة الاشتراكية النمسوية في عامي 1919 و1920. وفي عام 1932، حين كان أستاذاً في جامعة بون، قَبِل شومبيتر كرسي الأستاذية في جامعة هارفرد في الولايات المتحدة وبقي فيها حتى وفاته.
يُعد جوزيف شومبيتر مؤسس التحليل الاقتصادي الحركي (الديناميكي) إذ خرج على المدرسة التقليدية الجديدة (النيوكلاسيكية) التي كانت تؤسس التحليل الاقتصاديعلى نظرية التوازن الاقتصادي العام، وتُعد النشاط الاقتصادي عملية تتجدد على نحو سكوني ولا تأخذ التغيرات بالحسبان. في حين لفت شومبيتر الانتباه إلى تطور المنظومة الاقتصادية وتقلباتها، وإلى نمو الاقتصاد وتغيراته أيضاً واضعاً بذلك مبادئ التحليل الحركي الضروري لتفسير قوانين التغير.
ويعود إلى شومبيتر أيضاً الفضل في إبراز دور المستحدث entrepreneur، وابتكاراته في تطوير النشاط الاقتصادي، مندفعاً وراء الربح. يسعى المستحدث، بحسب شومبيتر، إلى تجميع عوامل الإنتاج وتشغيلها إضافة إلى توزيع الفوائض الاقتصادية المتحققة لخدمة النمو الاقتصادي المطرد. وانطلاقاً من نظريته في دور المستحدث وابتكاراته يفسر شومبيتر تعاقب مراحل الدورة الاقتصادية من النهوض (الرخاء) إلى الأزمة مميزاً الدورة الاقتصادية طويلة الأمد التي تتفاعل لمدة خمس وخمسين سنة (دورة كوندراتييف Kondratiev) من الدورة متوسطة الأمد لمدة تسع أو عشر سنوات وكذلك من الدورة القصيرة التي تتفاعل لمدة أربعين شهراً (دورة كيتشين Kitchin). ويؤكد شومبيتر في الوقت ذاته أن النمو الاقتصادي هو نمو دوري بطبيعته إذ يتحقق النمو في مرحلة النهوض ويعود إلى التدني والتراجع في مرحلة الركود. وفي معالجته لمسألة مستقبل النظام الرأسمالي يجمع شومبيتر إلى نظرته الاقتصادية نظرة المؤرخ وعالم الاجتماع ليقرر، خلافاً لكارل ماركس، بأنه لا توجد أسباب اقتصادية تحتم هلاكالرأسمالية كنظام. غير أنه يرى بأن الرأسمالية تُستهلك بسبب نجاحاتها الذاتية، إذ إن التركز الاقتصادي[ر] المتزايد يقود إلى توليد مناخ اجتماعي معادٍ للمؤسسات الكبيرة: ضعف عداونية البرجوازية التي تفقد سيطرتها العائلية على المؤسسات وبروز طبقة واسعة من المثقفين الذين يزداد شعورهم بعدم الرضا، مما يقود، بحسب شومبيتر وخلافاً لرغبته، مسار التطور باتجاه الاشتراكية، ويكون بذلك قد توصل إلى النتيجة نفسها التي توصل إليها ماركس ولكن بطريقة أخرى.
ترك شومبيتر أثراً كبيراً في تطور النظرية الاقتصادية في المؤلفات الكثيرة التي خلَّفها. فقد كتب، إضافة إليها «دورات الأعمال ـ تحليل نظري تاريخي وإحصائي للرأسمالية» عام 1939 و«الرأسمالية والاشتراكية والديمقراطية» عام 1942، و«تاريخ التحليل الاقتصادي» الذي لم يتم كتابته ونُشر عام 1954 بعد وفاته.
كان شومبيتر يفكر بالنمو الاقتصادي في المدى الطويل وكانت مؤلفاته تتعارض مع نظرية كينز في كتابه «النظرية العامة» الذي اقترح فيه حلولاً مؤقتة لأزمةالرأسمالية ونجح فيها، مما جعل شومبيتر في الصف الخلفي آنذاك غير أن التغيرات التي حدثت في سيرورة النظام الرأسمالي العالمي وطبيعة الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها منذ السبعينيات جعلت الاقتصاديين المعاصرين يعيدون النظر في أهمية إسهامات شومبيتر التي تساعد في فهم الكثير من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، إذ تغيرت طبيعة الأزمات من أزمات فائض إنتاج إلى أزمات تدني مستوى الانتفاع من الطاقات الإنتاجية.
منقــول للأمــــــــــــــــــــــــــــانة
أنتظر ردوكـــــــــــــــــــــــــــــــم
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام