إن ما يلفت النظر في مقدمة ابن خلدون هو تأكيده على دور العامل الاقتصادي في حياة و تطور المجتمعات .
فقد كشف بوضوح عن العلاقة
القوية التي تربط الحياة الاجتماعية و التاريخ بصورة عامة بالحياة
الاقتصادية و بسعي الناس إلى معيشتهم المادية .
ومن الموضوعات الاقتصادية التي عالجها ابن خلدون :
1 ) القيمة :
كشف ابن خلدون عن القيمة
التبادلية للسلعة و فرق بينها و بين القيمة الاستعمالية حينما أعطى تعبيرين
مختلفين للمنتوج , فقد سمى المنتوج رزقاً حين يستخدم لتلبية الحاجة ,
وسماه كسباً عندما ينتقل للغير .
ولقد اعتبر ابن خلدون أن قيمة المنتوج تستمد أساساً من العمل المبذول في إنتاجه حتى و إن لم يكن ذلك ظاهراً فيه كالحيوان المقتنى .
غير أن ابن خلدون لا يجعل العمل لوحده مستوعباً كامل قيمة المنتوج و إنما يشرك معه قيمة المواد الداخلة في صنع المنتوج .
لكنه يجعل العمل الإنساني المصدر الأهم للقيمة .
2 ) تقسيم العمل و أثره على الإنتاج :
إن نظرة ابن خلدون إلى أن قيمة
المكاسب إنما هي من قيمة الأعمال المبذولة فيها دعته لأن يربط بين كمية
الناتج و مقدار الأعمال المبذولة و يقرر أنه كلما زادت الأعمال زادت
المكاسب مشيراً في نفس الوقت إلى تأثير تقسيم العمل على زيادة الإنتاج .
3 ) العرض و الطلب :
لقد كشف ابن خلدون قانون العرض و الطلب و أظهر دوره في الأسواق وفي تحديد الأسعار كما لاحظ العلاقة بين الطلب و السعر و الإنتاج .
إن ارتفاع الطلب يؤدي إلى ارتفاع السعر مما يكون الحافز على زيادة الإنتاج .
4 ) النقود :
اعتبر ابن خلدون أن النقود حاملة القيمة بذاتها و لكن اقتناءها لا يكون إلا من أجل الحصول على ما يلبي حاجات الناس .
5 ) السكان :
إن نظرة ابن خلدون في السكان
نظرة تفاؤلية , إذ يذهب إلى أن زيادة الخيرات إنما تتوقف على كثرة السكان ,
فكثرة السكان تؤدي إلى كثرة الأعمال فزيادة الإنتاج و كما أن كثرتهم تؤدي
إلى زيادة الطلب و هذا ما يحرض على الإنتاج .
و عندما يفرق ابن خلدون بين
السلع الضرورية و الكمالية يرى أن أسعار السلع الضرورية ترخص مع زيادة
السكان و ترتفع أسعار السلع الكمالية و بالعكس .
6 ) دور الدولة :
كشف ابن خلدون عن دور إقتصادي للدولة يتصل بدعم الطلب على السلع باعتبارها السوق الأعظم
لكن ابن خلدون يرى أن تدخل
الدولة المباشر في التجارة أي تعاطي الدولة التجارة بشخص سلطانها أو أعوانه
, إنما يضر كثيراً بالحياة الإقتصادية كما يضر بمصالح الأفراد و بالمنافسة