Dadel مدير
عدد الرسائل : 654 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 05/01/2008
| موضوع: أنواع المسئولية الدولية الثلاثاء نوفمبر 15, 2011 11:37 pm | |
| أنواع المسئولية الدولية سوف نقسم هذا المطلب إلى ثلاثة أفرع كالآتي : الفرع الأول : مسئولية الأفراد الطبيعيينالفرع الثاني: مسئولية المنظمات الدولية والإقليمية الفرع الثالث: مسئولية الدولة الفرع الأول مسئولية الأفراد الطبيعيين إن موضوع المسئولية الدولية للفرد متشعب إلى عدة آراء من هذه الآراء: رأي يقول بأن الفرد يعتبر شخص من أشخاص القانون الدولي العام، ويستند هذا الرأي إلى أن القانون الدولي يرتب على الفرد واجبات ويمنحه حقوق كعدم الإتجار بالرقيق وعليه فإنه يسأل"[1] وأما الرأي الآخر فهو لا يعترف للفرد بأنه شخص من أشخاص القانون الدولي، وسند هذا الرأي إلى أن الحقوق التي يكفلها القانون الدولي للأفراد لا تدخل حيز النفاذ إلا عند إقرار الدولة لها. "والرأي الثالث يرى بأن الفرد شخص غير مباشر للقانون الدولي العام لأن الدولة موجودة لأجل الفرد تعمل لمصلحته والمجتمع الدولي عبارة عن مجموعة من الدول والدول مجموعة من الأفراد وبالتالي فإن الفرد يتمتع بحقوق ويتحمل إلتزامات وهو شخص غير ظاهر، والدولة هي الشخصية الدولية وليس الفرد."[2] والرأي الذي أميل إليه هو الرأي الأول لأنه من غير المتصور أن نكون أمام قانون جنائي دولي يتسم في شقه الجنائي على مبدأ هام وهو شخصية العقوبة وعليه فإنه يجب أن يساءل كل من قام بالعمل غير المشروع عن فعله.
الفرع الثاني
مسئولية المنظمات
(الدولية ـ الإقليمية) يعترف العديد من الفقهاء بالشخصية القانونية للمنظمات الدولية مما يحملها الأهلية التي بموجبها تساءل دولياً. حين قال أحد أصحاب هذا الرأي: "أن غالبية الفقهاء، وخاصة المحدثين منهم، تعترف للمنظمات الدولية بالشخصية القانونية لا سيما بعد تواتر دساتير هذه المنظمات على النص عليها. إلا أن البعض حاول أن يحد من آثاره الشخصية بقدر تمتع هذه المنظمات بالأهلية القانونية دون الشخصية القانونية، أو يحاول قصرها على بعض المنظمات الدولية، فيقرر أنها لا تثبت إلا للمنظمات الدولية التي تملك تكوين الإرادة الدولية الشارعة، أو تلك التي تصدر بالأغلبية وليس بالإجماع"[3]. إلا أن فريقاً من آخر من الفقهاء خالفهم الرأي حين ذهب رأي إلى أن "المنظمة لا يكون لها وجود إلا في علاقاتها مع الدول التي وقعت وصدقت أو إنضمت إلى دستورها"[4] بل أن رأياً آخر توسع في الموضوع بشكل أوسع حين ذهب إلى التفرقة بين حالتين فيما يتعلق بالتعويض عن الأضرار التي تلحق ممثلي الأمم المتحدة: "الحالة الأولى: الموظفون الذين يتم اختيارهم دون النظر إلى جنسياتهم وهؤلاء يجوز للمنظمة الدولية المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم. الحالة الثانية: الموظفون الذين يتم اختيارهم بالنظر إلى جنسياتهم فهؤلاء تطالب دولهم التي ينتمون إلى جنسياتها بالتعويض عن الأضرار التي أصابتهم"[5]. وبالنسبة للمنظمات الإقليمية التي وضحت المادة (52) من ميثاق الأمم المتحدة مهامها على أنها: "تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها. يبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات الإقليمية وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن"[6]. نستدل من هذه المادة دور المنظمة الإقليمية الهامة في حل المنازعات بالطرق والوسائل السلمية، الأمر الذي يفتح أمام هذه المنظمات باب الاجتهاد الذي قد يصيب أو يخطأ ومما لا شك فيه فإن مسئوليتها تقوم عند حدوث الخطأ. بل إن محكمة العدل الدولية ذكرت في رأيها الاستشاري "أن أهداف المنظمات الإقليمية أهداف تستحق أن يعترف لمثل هذه المنظمات بقدر من الشخصية الدولية في نطاق المسئولية الدولية وخاصة بعد أن دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة جامعة الدول العربية لحضور دوراتها مما يزيد من أهمية دور المنظمات الإقليمية"[7]
الفرع الثالث
مسئولية الدولة مفهوم الدولة: قال تعالى: {ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله والرسول ولذى القربى واليتامي والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"[8]، تبين لنا الآية الكريمة لفظ "دولة التي وردت بالضم وتعني "الشئ، المتداول"[9] أي أنه قابل للتداول والانتقال من شخص إلى آخر أو جماعة إلى جماعة أخرى ، فنستشف من الشئ المتداول الذي ورد ذكره في الآية الكريمة وهي دولة بالضم حال الدولة التي قد تنتقل من قيادة على قيادة أخرى أو من حاكم إلى حاكم آخر. والجدير بالذكر أن لفظ "دولة" بالضم لم يرد في القرآن الكريم غير مرة واحدة كما يبين لنا الشراح والفقهاء من أهل العلم الشرعي في الآية آنفة الذكر كما ذكروا في دراسات عديدة أن لفظ "دولة" بالفتح لم يرد في القرآن الكريم أبداً بل أوضحوا أن لفظ "دولة" بالفتح استخدم بألفاظ أخرى تبين معناها كقوله تعالى: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها}[10] وتبين الآية الكريمة ما قالته ملكة سبأ عند ما حاورت قومها والملكة سبأ يشهد المؤرخون بمملكتها التي كانت تتمتع بمقومات الدولة "كما سنذكرها بعد قليل"، وبالتالي فإن لفظ "القرية" يسير أو يبين لنا لفظ "دولة" بالفتح الدارجة اليوم. من خلال الآيات القرآنية السابقة الذكر يتضح أن القرآن الكريم قد بين لنا مفهوم الدولة بضرب المثال على مملكة سبأ التي كانت تتمتع بمقومات الدولة، إلا أن ديننا الإسلامي لم يشرح لنا مفهوم الدولة بالقرآن الكريم فقط بل من خلال التاريخ الإسلامي الزاخر بالتفاصيل والأمثلة الواضحة على شرح مفهوم الدولة كالمدينة المنورة عندما هاجر إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد بنى فيها اللبنات الأساسية للدولة من مراكز عسكرية وإجتماعية وثقافية وتوافر فيها الشعب وهم المهاجرين والأنصار والسلطة التي تتمثل بقيادته صلى الله عليه وسلم ورجوع المسلمين إليه والإقليم المتمثل بالمدينة المنورة*. ولا يغيب عن أذهاننا المراحل التالية لحقبة الرسول صلى الله عليه وسلم من دولة الخلفاء الأربعة والدولة الأموية وتليها العباسية وحتى العثمانية فكلها كانت دول. إلا أننا وإن أردنا التركيز بشكل أعمق أو مفصل أكثر فإننا ننتقل إلى اللغات الأوروبية وذلك لارتباط قوانينا "الدول العربية" بها ربما لرغبة جامعة نحو مواكبة العصر الذي نعيشه كما كان سائد في أفكار تلك الفترة للأسف مع إن الشريعة الإسلامية ما هي إلا شريعة خالدة متجددة يمكن استعمالها بسهولة ويسر في كل زمان ومكان. نعلم أن اللغات الأوروبية عديدة إلا أنها اشتقت مفهوم الدولة من الكلمة اللاتينية Status التي تعني استقرار وضع ما، حتى أدخل اللفظ إلى لغات أوروبية عديدة.*. وبالتالي فإن اللغات الأوروبية على نقيض اللغة العربية تتمتع بقواعد لغوية مختصرة كما أن علامات التنوين وغيرها بالكاد تكتب بل هي قليلة ولا تشترك بها معظم لغاتهم الأوروبية وعليه فإن كلمة الاستقرار في وضع ما يمكن حمل تفسيرها إلى عدة معاني فهي توحي باستقرار جماعة من الناس والاستقرار لابد وأن يكون على حيز مادي وهو الإقليم "عندنا في القانون" أي توافر كل من المقوم الأول والثاني "الشعب والإقليم". وكذلك يمكن أن نستوعب بداهة الإستقرار الذي لا يتحقق إلا بوجود سلطة والسلطة هي التي بدورها تعمل على الموازنة بين الأمور حتى تحقق لنا الاستقرار، وبذلك "الاستقرار في وضع ما" “Status" قد يحمل نا هذه المعاني الثلاثة الشعبة والإقليم والسلطة. وفي الحقيقة عند البحث في المراجع القانونية الغربية نجد أن المادة الأولى من اتفاقية "مونتيفيدو" الموقعة عام 1933م قد تعرضت إلى مفهوم الدولة حين جاء فيها "الدولة كشخص من أشخاص القانون الدولي يجب أن يتوافر لها الأركان التالية: شعب دائم وإقليم محدد وحكومة أهلية للدخول في علاقات مع الدول الأخرى". تتفق هذه المادة مع ما ذكرناه عن لفظ الدولة في اللغات الأوروبية والألفاظ الدالة على مقومات الدولة في القرآن الكريم وعليه فإنه حتى نضع مفهوم واضح للدولة فلابد من توافر العناصر الثلاثة الشعب والإقليم والسلطة التي هي في واقع الأمر مقومات أساسية تقوم عليها الدولة. ولذلك ينبغي أن نشرح هذه المقومات حتى نخرج بتعريف واضح للدولة: 1- المقوم الأول: الشعب: ذكرت اتفاقية "مونتيفيدو" أن الشعب "دائم" أي متواجد ومقيم ومستقر على الإقليم غير متنقل بل ثابت وليس متحرك. 2- المقوم الثاني: الإقليم: وهو الحيز المادي أو العنصر المادي وبالتالي فإن الإقليم يعتبر مكمل للشعب يساعده على تحقيق الدوام والاستقرار عليه، ولابد للإقليم أن يكون محدد حتى نعرف من خلال التحديد حدود الدولة. 3- المقوم الثالث: السلطة: ويقصد بالسلطة التي تملك وظائف الحكم على الشعب في إقليم الدولة. بناءاً على ما تقدم فإن الدولة هي: هي مجموعة من الأفراد تعيش بشكل مستقر ودائم على إقليم محدد تحت ظل سلطة تتولى دفة حكم الأفراد في حدود الإقليم. في بداية حديثنا عن مفهوم المسئولية الدولية قلنا بأنها "المسئولية التي تترتب قبل شخص من أشخاص القانون الدولي جراء قيامه بفعل (إيجابي أو سلبي) غير مشروع دولياً من شأنه إحداث ضرر بشخص آخر مما يحمل الأول إلتزاما بالتعويض عن هذا الضرر شريطة أن يكون الفعل منسوب إلى الشخص الأول". من خلال هذا التعريف نستخرج أركان المسئولية الدولية: 1- أن يكون الفعل المولد للمسئولية منسوباً إلى شخص من أشخاص القانون الدولي. 2- أن يكون غير مشروع دولياً. 3- أن يلحق ضرراً بشخص دولي آخر. واستعرضنا في المطالب السابقة مسئولية كل شخصية على حدى دون التطرق إلى مسئولية الدولة، وبالتالي فإن مسئولية الدولة تنقسم إلى قسمين الأول وهو القسم المتعلق بأفعال السلطات والثاني عن الأفراد العاديين. ففيما يخص القسم الأول فمن المتعارف عليه أن غالبية دول العالم تنقسم سلطاتها إلى ثلاثة سلطات "التنفيذية - التشريعية - القضائية". مسئولية الدولة عن الأفعال التي تصدر من موظفيها في السلطة التنفيذية "يقصد بالأفعال هنا تلك الأفعال التي يخالف فيها الموظف إلتزاماً دولياً" ففي هذه الحالة تقوم المسئولية الدولية للدولة على أفعال موظفيها في السلطة التنفيذية مثل القرار الإداري الذي ينفذ مخالفاً لمعاهدة دولية فالقرار غير مشروع من وجهة القانون الدولي ومشروع في نظر القانون الداخلي. ومثال لمسئولية الدولة عن أفعال السلطة القضائية صور حكم قضائي مخالف لإتفاقية دولية التزمت بها الدولة، وعن السلطة التشريعية فإن المسئولية تقوم بإصدار السلطة لتشريع مخالف لاتفاقية دولية الدولة طرف فيها أو قيام السلطة بمنع تنفيذ إلتزام دولي تلتزم الدولة به من خلال إتفاقية أو معاهدة. وعن القسم الثاني من مسئولية الدولة الدولية وهو القسم المتعلق بالأفراد العاديين فإن مسئولية الدولة تقوم إذا نسب الفعل إليها كأن يثبت إهمال الدولة في توفير الحماية اللازمة لبعثة دبلوماسية تعرضت لإعتداء من قبل أفراد عاديين.
[1] د/ محمود سامي جنينه ـ القانون الدولي العام ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ غير مشار لسنة الطبعة ـ غير مشار لمكان الطبعة ـ صـ 89. وحول الموضوع أنظر : Strupp. K. Elements de droit international public universed eurupoeen et American Paris. 1930. p. 23.
[2] أنظر Aisha Rateb, L ’individ et le droit international public - 1959. p. 18 [3] د/ مفيد شهاب ـ المنظمات الدولية ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ 1974 ـ غير مشار مكان الطبعة ـ صـ 97. [4] د/ عبد العزيز سرحان ـ مساهمة القاضي عبد الحميد بدوي في فقه القانون الدولي ـ غير مشار لعدد الطبعة ـ غير مشار لسنة الطبعة ـ غير مشار لمكان الطبعة ـ صـ 79. [5] الرأي الاستشاري الصادر في 11/4/1949 ـ آراء محكمة العدل الدولية لسنة 1949م، صـ 23. [6] المادة (52) ـ ميثاق الأمم المتحدة. [7] الرأي الاستشاري الصادر في 11/4/1949 ـ مرجع سابق. [8] سورة الحشر، الآية (7). [9] المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، الجزء الأول، الطبعة الثالث، صـ 315. [10] سورة النحل، الآية (34). * مقومات الدولة: "الشعب/ الإقليم/ السلطة".* حول المعنى أنظر: Prelot (m), Bouloouis (J.), Inst. Pol. Et droit consl, Dalloz 1990, n. 1. | |
|