وزير التجارة مصطفى بن بادة لـ"الشروق": التهاب مرتقب لأسعار المواد الغذائية بسبب أزمة اليورو 2011.12.17
سميرة بلعمري
التهاب جديد للأسعار
مصر تطلب من الجزائر تقليص قائمة السلع العربية المحظورة أكد وزير التجارة مصطفى بن بادة، أن
الأزمة في منطقة "اليورو" ستخلف زيادة رهيبة في أسعار السلع والمواد
الغذائية، الأمر الذي على الجزائر اتخاذ جملة من القرارات السياسية لمواجهة
هذه الزيادات، لترشيد الاستهلاك، في وقت أشار إلى أن ملف القائمة السلبية
المتعلقة بالمنتجات العربية الممنوعة من دخول الجزائر سيكون
حاضرا في اجتماع القاهرة يومي الـ27 و28 من الشهر
الجاري للنظر في إمكانية تقليصها بعدما طالبت مصر بذلك. وأوضح وزير التجارة في تصريح أمس، للشروق، من بروكسل أن "الأزمة
في منطقة "اليورو" ستنعكس على كل الدول التي تربطها علاقة تجارية، بدول
الاتحاد الأوربي دون استثناء، وعلى اعتبار أن الجزائر تعد أحد الزبائن
الكبار بالنسبة لدول أوربا، فلن نكون بمنأى عن هذه الانعكاسات"، مؤكدا أن
التضخم الذي تعانيه المنطقة الأروبية ستدفع ثمنه العديد من الدول منها
الجزائر، متوقعا ارتفاعا في كلفة برنامج التنمية، نظرا لحاجة المشاريع
التنموية قيد الإنجاز الملحة للمنتجات الأروبية، معتبرا أن الأزمة ستفرض
منطقها على الجزائر لاعتماد سياسة التقشف، ليتقاطع بذلك وزير
التجارة مع زميله في الحكومة وزير المالية كريم جودي،
الذي أكد أن الجزائر ستقلص الإنفاق العمومي وتقلص برنامج
الاستثمار العمومي في حال استمرار الأزمة في أوروبا.
أما
بالنسبة للمواد الاستهلاكية أو الغذاء، فقال الوزير صراحة "إذا لم نغط
حاجيتنا داخليا، فأكيد أن الفاتورة ستكون غالية جدا، وأسعار المواد
الغذائية ستسجل ارتفاعا، يضاهي الارتفاع الذي سجلته، مؤخرا والذي وصل نسبة
110 بالمائة، وإن أوضح أن عددا من العوامل تسببت في هذا الارتفاع،
كالتهريب، فقد أكد أن فاتورة استيراد الحبوب حطمت المستويات المعهودة، فقد
وصل استيراد الجزائر من الحبوب ما قيمته 2.7 مليار دولار، وقال إنها سابقة
رغم تحسن منتوج الحبوب على المستوى الداخلي.
وقال بن بادة للشروق "في
ختام مشاركته في مفاوضات المنظمة العالمية للتجارة أن خيار الدعم المعتمد
من قبل الدولة يجب أن يخضع للمراجعة على المدى المتوسط أو البعيد، ذلك حتى
يأتي أكله ويعطي النتائج المرجوة منه، دون التأثير في الخزينة العمومية،
التي يجب حمايتها عبر ترشيد الاستهلاك، الذي لن يتحقق إلا بترشيد سياسة
الدعم حسب وزير التجارة " مضيفا "الحكومة مطالبة بعد التشريعيات القادمة،
التحضير للتعامل مع المعطيات الجديدة ومؤشرات السوق الدولية، بأكثر واقعية
حتى نجنب البلد الوقوع في فخ رد الفعل".
وعن مصير القائمة
السلبية التي تضم 1270 منتوج عربي ممنوع من إعفاءات الرسوم الجمركية لدى
دخوله السوق الجزائرية من مجموع الـ6000 منتوج، الذي حمله اتفاق المنطقة
العربية للتبادل الحر، كشف بن بادة أن هذه القائمة ستكون حاضرة في مباحثات
الجولة المزمعة عقدها بالقاهرة يومي الـ27 و28 من الشهر
الجاري، مشيرا إلى أن الجزائر تلقت طلبا لتقليص هذه
القائمة، وهو الطلب الذي مازالت لم تفصل في أمره بعد.
مباحثات
القاهرة التي ستتناول القائمة السلبية التي حددتها الجزائر للمنطقة
العربية، تعد الثالثة التي تحضرها الجزائر كطرف في اتفاقية التبادل الحر
بين الدول العربية، وهي الاتفاقية التي تسمح للدول الأعضاء بمراجعة قائمة
المواد والسلع التي تدخل إلى أراضيها، في حال تعلق الأمر بحماية
السلع المنتجة محليا من المنافسة، وذلك لمدة تتراوح ما
بين ثلاث وأربع سنوات.
وبلغ مجموع المنتوجات الممنوعة من دخول
التراب الوطني، في إطار الاتفاقية المذكورة سابقا، 1270 منتج، من عدة دول
عربية هي علاوة على مصر، كل من المغرب وسوريا ولبنان والأردن، وذلك بناء
على تقرير أعدته الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة بالتنسيق مع المتعاملين
الاقتصاديين، وهو القرار الذي حظي بدعم الوزير الأول
أحمد أويحيى، استنادا إلى ما يعرف بنظام "الدفاع
التجاري" .
وبعيدا عن القائمة السلبية وإجراءات حماية المنتوج
المحلي، يبقى الواقع أن هاجس ارتفاع الأسعار يهدد السوق الداخلية والمستهلك
الجزائري، نظرا للتبعية التي جعلته رهينة للأسواق الدولية، فكلما تحركت
هذه الأخيرة، أتت على جيب المستهلك، ليبقى السؤال الذي يفرض نفسه يتعلق
بنجاعة السياسات العمومية في هذا الإطار، بعيدا عن منطق "الترقيع" فالواقع
يكشف أن لا سياسة الدعم بمختلف أشكاله ولا برنامج الدعم الفلاحي ولا آليات
ضبط السوق والرقابة بإمكانها حماية الجزائري من الاعتماد على الضفة الأخرى
في سد رمقه.