سَلامٌ عَلى من لا يُردُّ جَوابي
سَلام مشوق بِالفُراق مصاب
سلام كَأَنفاس النَسيم بسُحرة
سَرَت في رِياض منهم وَرحاب
سَلامٌ مُقيمٌ مِن مُعنّىً مسافر
تبدَّلَ من غزلانه بِذئاب
سَلام عَلى أَهلي وَداري وَجيرَتي
وَأُنسي وَقَلبي وَالكَرى وَشَبابي
وَمنزلِ أَحبابي وَظِلِّ صَحابَتي
ومنزهِ أَترابي وَجُلِّ طلابي
مُصابي بسهم وافِر من فراقهم
سَريع فَقَلبي مِنهُ شر مصاب
تركت شَراب النيل حُلواً وَبارِداً
فجماعم خُدعَةٍ لي بَعدَه بِسَراب
وَفارقت ما لا طاقَةً بفراقه
فَما طرَقَ السُلوانُ ساحَةَ بابي
وجماعم قَطعَت عيسي وواصلت السرى
مهامه في البَيداء جِدَّ صعاب
وَقال خَليلي إِن في الدمع راحَة
وَكفَّ دموع العين غيرُ صَواب
فقلت فقدتُ العَينَ إِن لَم أَجِد بِها
جفانَ جُفون للدموع جَوابي
حُبّيبنا إِن لَم يُراجِع لَنا اللقا
فَهَل لَكِ أَن تَصغي لرجع خطابي
صبا لك قَلبي وَهوَ بِاللَه مؤمن
فَيا عجباً مِن مؤمن لك صابي
وَصالحتُ بَين السهد والطرف وَالبكا
وَذاكَ بِناءٌ مؤذِنٌ بِخَراب
وَعشَّشَ نِسرٌ للمشيب بمفرقى
وَطار بَيني والشباب غَرابي
أَبيتُ سَميرَ الأَنجم الزهر عَلَّها
تَنوب عليكم في السَلام مَنابي
وَأَضرب أَخماسي بأَسداس حسرتي
لفقد حَبيب لَم يَكُن بِحسابي
وأَشهد بالتذكار روضة أَرضهم
فتهمي عَلَيها مُقلَتي بَسَحاب
وَأُظهِرُ للأَعداء فَرطَ تَجَلُّدٍ
وَأُبطِنُ أَنّي بِالسقام لما بي
وَكانَ اللقا يَدعو وَلست أَجيبُهُ
فَها أَنا إِذ أَدعوه غَيرُ مَجاب
فَمبدأُ بَيني كان آخرَ راحَتي
وَآخرُ عَيشي كانَ بَدءَ ذَهابي