Dadel مدير
عدد الرسائل : 654 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 05/01/2008
| موضوع: ماهية المصرف الإسلامي الأحد سبتمبر 19, 2010 11:16 pm | |
| ماهية المصرف الإسلامي رفيق يونس المصري أستاذ مساعد - مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي كلية الاقتصاد والإدارة - جامعة الملك عبدالعزيز المستخلص : المصرف التقليدي يتعامل بالنقود والديون ، ولا يتعامل بالسلع ، فهو تاجر نقود وديون . فالتجارة المصرفية تجارة من نوع خاص ، ولم ينشأ المصرف إلا بعد استباحة الفائدة . فإذا أراد المصرف الإسلامي أن يتعامل بالسلع والبيوع المؤجلة فهذا يخرجه عن نطاق العمل المصرفي ، ومن ثم فلا يكون مصرفاً بالمعنى الاصطلاحي . إن المصارف الإسلامية إذا مشت في طريق المرابحة والإجارة التمويلية وغرامات أو تعويضات المماطلة فإنها تعود للاقتراب من نموذج المصرف التقليدي . إن المصرف بالمعنى الاصطلاحي هو وليد الفائدة ، ومن الصعب أسلمته ، ومن يتجاهل هذا فإنه قد يكسب زمنًا ، ولكنه في نهاية المطاف لا بد له من أن يصطدم بها ، ولو بعد حين . مقدمة بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد ، سأحاول في هذه الورقة الموجزة أن أجيب عن الأسئلة المطروحة للحوار في حدود إمكاناتي المتواضعة ، والله ولي التوفيق . هل المصرف الإسلامي تاجر سلع أم تاجر نقود ؟ المصرف التقليدي يتعامل بالنقود والديون (القروض) ، ولا يتعامل بالسلع ، فهو تاجر نقود وقروض، إذ يتخذ من القروض النقدية تجارة، فيقترض النقود بمعدل فائدة، ويقرضها بمعدل أعلى. فتجد لدى المصرف التقليدي نقودًا وقروضًا ، ولا تجد سلعًا ، في مخازن له أو معارض . فالتجارة المصرفية تجارة من نوع خاص ، والمصارف لم تنشأ تاريخيًّا إلا بعد استباحة الفائدة. والتعامل بالسلع لا يدخل في نطاق الأعمال المصرفية، كما تنص على ذلك القوانين والأنظمة المصرفية . أما المصرف الإسلامي فهو إذ يمارس البيوع المؤجلة ، ويزيد في الثمن لأجل الزمن ، فإنما يفعل ذلك على أساس علاقة ثنائية بين متبايعين . وقد أجاز بعض العلماء الحطيطة للتعجيل كذلك على أساس العلاقة نفسها ، أما لو كان المصرف طرفًا ثالثًا فهذا لا يجوز عند أحد ، لأن من شأن هذا أن يكون للمصرف دور المقرض بربا . وحتى يقوم المصرف الإسلامي بدور البائع فعلاً وشرعًا ، فإنه لا بد من أن يكون تاجر سلع ، ولا يمكن أن يكون كالمصرف التقليدي تاجر نقود وقروض. وهذا ما يخرجه عن نطاق الأعمال المصرفية التي تميز عمل المصرف، وتجعل منه مصرفًا بالمعنى الاصطلاحي . هل المصرف الإسلامي تاجر ، أم ممول ، أم ممول بأسلوب تجاري ؟ لا يمكن للمصرف الإسلامي أن يكون ممولاً بأسلوب مصرفي، لأن هذا معناه التعامل بالربا. ومن الناحية الشرعية يمكن أن يكون المصرف تاجرًا ، يبيع بالنقد وبالأجل ، أي يمكن أن يكون ممولاً بأسلوب تجاري ، بحيث يتعاطى البيوع التمويلية، مثل بيع النسيئة (حيث يتأجل الثمن) ، أو بيع السَّلَم (حيث يتأجل المبيع ) . لكن قيام المصرف بأعمال بيع وشراء السلع ، نقدًا وتقسيطًا ، لا يجعل منه ، كما قلنا ، مصرفًا بالمعنى الاصطلاحي ، بل يكون عندئذٍ تاجرًا كسائر التجار ، لكنه يتمتع بامتياز الوصول إلى أموال الغير ، إذ يُسمح له بتلقي الودائع . هل هناك عقود وساطة مالية إسلامية ، وما هي ؟ المصرف التقليدي مصرف وسيط ، بمعنى أنه يتوسط بين فريقين : فريق أصحاب الفائض ، وفريق أصحاب العجز . ووساطته بين الفريقين وساطة بالمعنى الاقتصادي ، لا بالمعنى القانوني ، لأن علاقته بكل فريق من الفريقين علاقة مستقلة ، وهذه الوساطة تجعل من المصرف طرفًا ثالثًا . وعلى هذا فالتمويل (=الائتمان) الذي تنهض به المصارف إنما هو تمويل غير مباشر ، أي يعتمد على وساطة طرف ثالث ، هو المصرف . أما التمويل المباشر فهو الذي يتم بين طرفين لا وسيط بينهما ، مثل تمويل البائع للشاري في بيع التقسيط ، أو تمويل الشاري للبائع في بيع السَّلَم ، أو تمويل رب المال للمضارب في عقد المضاربة . ولعل المقصود بعقود الوساطة المالية ، في نطاق المصارف التقليدية ، هي عقود القرض ، حيث المصرف يقترض ويقرض . ولما كان الاقتراض والإقراض بفائدة حرامًا في الإسلام ، فإن البديل ، في نطاق المصارف الإسلامية ، هي عقود القراض (=المضاربة) ، حيث المصرف يأخذ المال من الممولين على سبيل القراض ، ويمنحه إلى المتمولين على سبيل القراض ، فهو مضارب يضارب ، أي مضارب وسيط . والمصارف الإسلامية الحالية تأخذ بالقراض في مجال اجتذاب الودائع ، ولكنها قلما تلجأ إلى القراض في مجال توظيف المال ، بل تعزف عنه إلى المداينات : المرابحات والإجارات التمويلية . وأخيرًا تجدر الإشارة إلى أن عددًا من الكتابات المعاصرة تشير إلى أن دور الوساطة المالية آخذ في التراجع ، في عالمنا الحديث .وهذا الموضوع يستحق دراسة خاصة . ما الفرق بين التجارة والتمويل والوساطة المالية ، وما معايير كلٍ ؟ التجارة هي بيع وشراء السلع والخدمات ، بقصد الربح . والتمويل نوعان : 1 ـ تمويل متصل بالبيع : وهو البيع الآجل ( البيع الائتماني ) . 2 ـ تمويل منفصل عن البيع : وهو القرض الربوي . فالقرض الربوي هو أساس التمويل (المنفصل) والوساطة المالية . أما التجارة فتقوم على المبايعات العاجلة والآجلة ، ولا تقوم على القروض . هل هناك حد أدنى من الأعمال يسبغ على المصرف الإسلامي صفة التاجر الحقيقي؟ لا أرى أن هناك حدًا أدنى يسبغ على المصرف الإسلامي صفة التاجر الحقيقي . فإن أي عملية مرابحة مثلاً يمكن أن يقوم بها هذا المصرف على أنه تاجر حقيقي ، أو على أنه ممول . فإذا اشترى السلعة، وهو خبير بها، ومن شأنه التجارة بها، وتحمل مخاطرتها، ويريد أن يضيف إليها منافع زمانية (تخزين) ، أو مكانية (نقل) ، فهو تاجر حقيقي . أما إذا اشترى السلعة شراءً صوريًّا فهو ممول يتظاهر بمظهر البائع ، ويبيع ما ليس عنده ، وما ليس أهلاً لبيعه . ما هي أقل مدة لحيازة السلعة في يد المشتري (المصرف الإسلامي) ليبقى وصفه مشتريًا حقيقيًّا؟ لا أرى أن هناك مدة محددة ، وليست العبرة بهذه المدة ، إنما العبرة بالمشتري : هل هو مشتر حقيقي؟ أم هو مشتر في الصورة ، ممول في الحقيقة؟ طبعًا في الحالة الأخيرة ، يعمل المصرف على حيازة السلعة أدنى مدة ممكنة ، ولا غرض له أصلاً بهذه الحيازة . أما في الحالة الأولى فإن المدة قد تطول وقد تقصر . وتسعى المصارف الإسلامية الحالية ، لكي تسبغ على نفسها صفة التاجر الحقيقي، وتبعد عن نفسها شبهة الربا، أن تمتلك السلعة أدنى مدة ممكنة ، وذلك لتحمِّل نفسها شيئًا من المخاطرة، وإن كانت تتفادى هذه المخاطرة بالتأمين على السلعة ، وبتوكيل العميل باختيار مصدر الشراء ، والسلعة ، لكي تتنصل من هذه المسؤولية ، وتلقي بها على العميل . وهذا لا يجعل العمل حلالاً ، فإن العمل منذ البداية إما أن يكون تجارة حقيقية ، أو تجارة صورية وباطنها التمويل . إذا عمل المصرف الإسلامي في تجارة السلع ، ما أثره على التجار التقليديين ؟ المعلوم أن المصرف مؤسسة تتلقى أموال الغير (ودائعهم) بصورة يومية ، فهي تتمتع بامتياز الوصول إلى هذه الأموال، وتشكل فيها أموال الغير (المودعين) ، بالنسبة لأموال المساهمين أضعافًا مضاعفة . وفضلاً عن ذلك ، فإنها تتمتع كذلك بامتياز خلق النقود . وهذه الصفة لا تتوافر لأي منشأة أخرى . نعم إن شركات الأموال (شركة المساهمة بشكل خاص) تستطيع الوصول إلى أموال الغير ، بإصدار سندات قرض وطرحها على الاكتتاب العام ، لكن هذا لا يحدث كل يوم ، كما في الودائع لدى المصارف ، إنما يحدث في أوقات متباعدة . فالمصرف يتلقى أموال الغير ، ليعيد توزيعها على الغير ، لا لكي يستأثر بها لنفسه . فإذا عمل في التجارة ، فإنه يكون قد تمتع بميزة لا يتمتع بها غيره من التجار ، فتختل المنافسة . كما أن المصرف يتعامل مع التجار ، وعليه أن يحفظ أسرارهم ، وأن لا يستغلها لنفسه ، بحكم إطلاعه مثلاً على مستندات الاستيراد في الاعتمادات المستندية التي يفتحها لهم المصرف . فعلاقة التاجر مع التاجر علاقة تنافس ، أما علاقة التاجر مع المصرف فهي علاقة تكامل . المشكلة الأساسية 1 ـ المصرف كما مر لم ينشأ تاريخيًّا إلا بعد استباحة الربا ، فقامت أعماله الأساسية على القروض الربوية الدائنة والمدينة ، فإلغاء الربا منه قد يعني العودة إلى المرحلة التاريخية التي سبقت إنشاءه ، وهي مرحلة الائتمان المباشر ، والبيوع التمويلية، وانعدام الوساطة المالية . 2 ـ إن أغلب المعاملات المصرفية وأهمها إنما هي من قبيل المعاملات التي تدخل في الإسلام في عقود الإرفاق والمواساة (أعمال خيرية) ، مثل : حسم الأوراق التجارية، والقروض ، والضمانات ، والحوالات . أو هي من قبيل الأعمال الخاضعة للقيود ، كالصرف (الصرف المؤخر لا يجوز) . والأعمال التي تسمح الشريعة بتقاضي الأجر عليها (عقود معاوضات ، أعمال تجارية) إن هي إلا من قبيل الأعمال الثانوية في المصارف ، مثل : تأجير الصناديق الحديدية (ودائع الأمانة) ، وتحصيل الأوراق التجارية ، وتسهيل الاكتتاب في أسهم الشركات ، ودفع قسائم الأرباح (الكوبونات) ، وتقديم المشورة . أما المتاجرة بالسلع بيعًا وشراءً فلا تدخل كما أوضحنا في الأعمال المصرفية التي تعارفت عليها المصارف ، من خلال أنظمتها وقوانينها وأعرافها . 3 ـ أول ما قامت المصارف الإسلامية اعتمدت نظريًّا على إحلال القراض محل القرض ، ولكن سرعان ما عزفت هذه المصارف عن المشاركات والمقارضات إلى المداينات ، فمشت في طريق التشابه مع المصارف التقليدية ، وراح بعض الباحثين ، حتى بالنسبة للودائع ، يطالبون بضمان هذه الودائع ، مما يجعلها إلى القرض (الربوي) أشبه منها بالقراض المزعوم . ومع شيوع المرابحات والإجارات التمويلية ، والمواعدات الملزمة ، وغرامات أو تعويضات المماطلة ، صار الخيط الفارق بين المصرفين : الإسلامي والتقليدي ، رفيعًا جدًّا ، وربما انقطع أو كاد . إن العمل المصرفي التقليدي عمل شديد الإغراء، فهو سهل ومأمون ، لأنه قائم على القرض، وهو مستقر ، وبرغم تعدد الصيغ المطبقة في المصارف الإسلامية إلا أنها معقدة التطبيق، وقد ترتد بالحيل إلى صيغة واحدة ، هي صيغة القرض الربوي الشائعة في المصارف التقليدية . 4 ـ لم تقمالمصارف الإسلامية منذ البداية على نظرية واضحة ومتكاملة، بل اعتمدت على المبادرة والتجريب ، والتجريب أخذ بها شيئًا فشيئًا صوب المصارف التقليدية. واليوم نسمع دعوات تطالب بالتخلي عن المرابحة، والأخذ بالإجارة ، مع العلم بأن عيوب الإجارة هي نفس عيوب المرابحة ، بل إن المرابحة ، إذا غضضنا النظر عن تسميتها ، فإنها ليست إلا عين الإجارة التمويلية (الليسينغ) الشائعة في العالم ، حيث يتم اللجوء إلى الإجارة ، بدل التقسيط ، لأجل الاحتفاظ بالملكية . 5 ـ إذا كان المصرف ابن ربا ، فلا غرابة أن نجده حتى الآن مستعصيًا على الأسلمة . ومن يتجاهل هذه الحقيقة فإنه قد يكسب زمنًا ، ولكنه في النتيجة لا بد من أن يصطدم بها ، ولو بعد حين .
| |
|
العاشق وسام فضي
عدد الرسائل : 722 العمر : 36 Localisation : el oued تاريخ التسجيل : 05/03/2010
| موضوع: رد: ماهية المصرف الإسلامي الإثنين نوفمبر 01, 2010 2:33 am | |
| | |
|