السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقوق السحب الخاصة
تعني حقوق السحب الخاصة عملياً، إعطاء كل دولة مشتركة بها، في إطار صندوق النقد الدولي[ر]، الحق بأن تسحب مبلغاً محدداً، بالعملات القابلة للتحويل، يعادل حصتها من هذه الحقوق، محسوبة بنسبة حصتها في الصندوق. ويعني ذلك أيضاً، أن الدول الأعضاء المشتركة في الاستفادة من هذه الحقوق، تتبادل عملياً فيما بينها توزيع الحقوق، مقابل تقديم عملاتها القابلة للتحويل. ويلتزم كل عضو تقديم عملته الخاصة، أو أي عملة قابلة للتحويل، في حدود ضعفي مبلغ مخصصاته المتراكمة في حقوق السحب الخاصة، عندما تطلب إليه إدارة الصندوق ذلك.
ويمكن النظر إلى حقوق السحب الخاصة من عدة جوانب، فهي أداة احتياط دولية، وأداة لتأدية المدفوعات الدولية، ووسيلة ائتمانية دولية، لا تستند على أي نقطة، وقد جاء في المادة الحادية والعشرين من اتفاقية صندوق النقد الدولي، أن مهمة حقوق السحب الخاصة، هي إكمال أدوات الاحتياط الموجودة، وأنها ستدرج ضمن الاحتياطات النقدية للدولة المشتركة.
يتخذ قرار إصدار حقوق السحب الخاصة، بأغلبية 85% من أصوات الدول الأعضاء في الصندوق، وهذا يعني عملياً، أن الولايات المتحدة الأمريكية، تستطيع أن تعترض وتستخدم حق «الفيتو»، وتمنع إصدار المزيد من الحقوق الخاصة، لأنها تحتفظ دائماً بأكثر من 15% من الأصوات.
التطور التاريخي
منذ قيام نظام النقد الدولي وفقاً لقرارات مؤتمر بريتون وودز[ر] BrettonWoods عام 1944 بالولايات المتحدة الأمريكية، كانت تظهر، دائماً، وجهات نظر متباينة حول قدرة السيولة الدولية (الذهب والدولار الأمريكي) على تمويل النمو المطّرد في التجارة الدولية.
وقد لوحظ في تلك الآونة، أن زيادة السيولة الدولية، مرتبطة بزيادة عجز ميزان المدفوعات الأمريكي، مما يبعث على تدني الثقة بالاقتصاد الأمريكي، وبدور الدولارعملة احتياط دولية، لذلك جرت عدة محاولات من قبل مجلس حكام صندوق النقد الدولي، لإنشاء أداة دولية تحل مشكلة نقص السيولة الدولية.وبنتيجة الدراسات تمت لأول مرة في كانون الثاني 1970 عملية إصدار 5.9 مليار وحدة حقوق سحب خاصة، وتم الاتفاق على أن إصدار حقوق سحب جديدة هو عملية مستقبلية ترتبط بالتطورات والمستجدات الدولية.
كما تم الاتفاق على أن الإسهام في حقوق السحب ليس إلزامياً، ولكنه متاح لجميع الدول الأعضاء في الصندوق. وعلى الدول الراغبة في الاشتراك في حقوق السحب الخاصة، أن تقدم وثيقة للصندوق تبين فيها استعدادها لتنفيذ جميع الالتزامات والشروط التي تتطلبها عملية تخصيص وحدات حقوق السحب الخاصة.
تحديد قيمة وحدة السحب الخاصة
حددت قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة، في مرحلة التأسيس، بالاستناد إلى أسس نظام النقد الدولي المرتكز على قدرات مؤتمر بريتون وودز، أي باستخدام مقياس مزدوج يعتمد على الذهب[ر] والدولار[ر]، إذ تم النص على أن وحدة حقوق السحب الخاصة تعادل 0.888671 غرام من الذهب الصافي، وهي تعادل تماماً قيمةالدولار مقدرة بالذهب المحددة في اتفاقات بريتون وودز. لكن التطورات المتلاحقة في الاقتصاد العالمي، وأهمها نمو التجارة الدولية، وبعد إلغاء استبدال الذهب بالدولار عام 1971 ثم ربط حقوق السحب الخاصة بالدولار الأمريكي، ومن ثم بعد عام 1974 بسلة من العملات الدولية مثقّلة كما يلي:
دولار أمريكي 42.3%، المارك الألماني 18.4%، الين الياباني 13.3%، الفرنك الفرنسي 12.7% والجنيه الإسترليني 13.3%، وتتغير النسب تبعاً لتبدل سعر التكافؤ بين هذه العملات.
شروط الاستفادة من حقوق السحب الخاصة
يعد حق الدولة العضو في الصندوق، والمشتركة في حقوق السحب الخاصة، في الحصول على عملات قابلة للتحويل، مقابل حصتها من الحقوق، حقاً غير مشروط، ويستطيع هذا العضو أن يستعمل ما يقتنيه من حقوق السحب الخاصة، بحسب حاجته، من أجل تصحيح ميزان المدفوعات، أو من أجل تعزيز موجوداته الاحتياطية، ويتم ذلك بأن ينزل عنها لغيره من الأعضاء، مقابل حصوله على عملات قابلة للتحويل.
وهذا يعني أن حقوق السحب الخاصة هي موجودات أو أصول قابلة للتداول من دون شروط، ولكن بالعملات القابلة للتحويل، ولذلك فإن جميع البلدان الأعضاء في الصندوق والمشتركة بحقوق السحب الخاصة، أصبحت تضم موجوداتها، من الحقوق إلى حساب الاحتياطي الرسمي لديها، ويترتب على استعمال هذه الحقوق للحصول على العملات القابلة للتحويل دفع عمولة للصندوق.
أما البلد الذي تلقى أو حصل على حقوق السحب الخاصة، مقابل تقديم عملته المحلية، أو أي عملة قابلة للتحويل، فإنه يحصل على فائدة من الصندوق، تعادل العمولة التي يتقاضاها الصندوق.ويتحدد معدل العمولة أو الفائدة في الأجل القصير السائد في الأسواق النقدية في الدول الخمس التي تؤلف عملاتها السلة التي تحدد قيمة وحدة حقوق السحب الخاصة.
إدارة حقوق السحب الخاصة
يقوم صندوق النقد الدولي، بإدارة حقوق السحب الخاصة، بتنظيم حساب خاص، يتضمن توزيع الحصص، وكيفية سحبها، وتحديد معدلات الفوائد والعمولات عليها، من أصوات الدول الأعضاء في الصندوق، وهو الذي يقوم بتحديد البلدان التي عليها تقديم عملاتها، أو العملات القابلة للتحويل لغيرها من البلدان التي ستستخدم هذه الحقوق.
وأخيراً يقوم الصندوق بالنظر في مخالفات الأعضاء، وفرض العقوبات التي رآها مناسبة. وغالباً يختار الصندوق الدول التي تقدم عملاتها من بين الدول التي يحقق ميزان مدفوعاتها فائضاً أو يكون متوازناً على الأقل. ويستطيع البلد الذي يحدده الصندوق أن يرفض قبول الحقوق المحولة إليه، إذا ما بلغت موجوداته منها، ضعفي حصته الأساسية.
وعلى الرغم من إدخال التحسينات على نظام إدارة حقوق السحب الخاصة المستخدمة منذ ربع قرن، فإن نصيبها في الاحتياطات لم يتجاوز 4%، كما أن أهمية العملية تتراجع باستمرار على الرغم من اتساع التجارة الدولية. ويعود ذلك إلى عدم التوسع في إصدارها، فلم يخصص منها حتى عام 1991 سوى 21.3 مليار وحدة حقوق سحب.
دور حقوق السحب الخاصة في عملية التنمية
تطالب البلدان النامية بوساطة ممثليها في صندوق النقد الدولي، بإصدار المزيد من حقوق السحب الخاصة، لمعالجة مشكلاتها الاقتصادية، وأهمها تمويل عملية التنمية الاقتصادية المتعثرة بسبب المشكلات البنيوية وعجز موازين المدفوعات لديها. وتمثل البلدان النامية لدى الصندوق مجموعة الـ 24 التي تطالب في كل بياناتها بضرورة الربط بين حقوق السحب الخاصة، وتمويل التنمية في البلدان النامية، وإعطاء البلدان النامية معاملة تفضيلية عند تخصيصها بوحدات حقوق السحب الخاصة، وليس كما هي الحال اليوم، إذ تخصص الوحدات بنسبة حصة الدولة في الصندوق.
إن أنظمة الصندوق وأهدافه، لا تتضمن المساعدة على تمويل عملية التنمية، في البلدان الأعضاء، بل تقتصر على ضمان حسن سير النظام النقدي الدولي، ومعالجة العجز الطارئ في موازين مدفوعات الدول الأعضاء، ويعود ذلك إلى أن القرارات تتخذ بالتصويت، والدول الصناعية الكبرى، تسيطر على أكثرية الأصوات، ولا تسمح بإصدار وحدات حقوق سحب خاصة جديدة، إلا إذا كانت مصالحها تتطلب ذلك.
دور حقوق السحب الخاصة في النظام الاقتصادي الدولي الجديد
تبين مما سبق، إخفاق البلدان النامية في مطالبها المتعددة، في مختلف المنابر الدولية، وخاصة من البيانات المتعددة لمجموعة الـ 24، في الصندوق، التي تطالب باستمرار بضرورة الزيادة المستمرة للاحتياطيات الدولية، وبضرورة التوسع في إصدار وحدات جديدة من حقوق السحب الخاصة، وإلى منح البلدان النامية معاملة تفضيلية في تخصيصها بالوحدات، ويعود ذلك إلى سيطرة الدول الصناعية المتقدمة على نظام التصويت والإدارة.
ومع الأخذ في الحسبان مجموعة المستجدات الدولية، وتبلور العالم في ما يسمى بالنظام الاقتصادي الدولي الجديد، وبروز ظاهرة تعدد الأقطاب الاقتصادية، وانتشار التكتلات الاقتصادية العملاقة، واتساع اللجوء إلى سياسة الحماية، في الوقت الذي تتسع فيه وتزداد أهمية منظمة التجارة العالمية[ر]، على صعيد العلاقات الاقتصادية الدولية، تتأكد حقيقة استمرار تهميش دور البلدان النامية في الاقتصاد العالمي، واستمرار تراجع دور الصندوق في خدمة هذه البلدان.
وبعد المتغيرات الدولية الأخيرة، فإن الصندوق أخذ يقوم بدور جديد في الاقتصاد العالمي، هو دور الشرطي الحارس لآلية عمل النظام الاقتصادي العالمي، وأصبحت إحدى أهم وظائفه، منح شهادات توضح مدى التزام العضو وصفات إعادة الهيكلة التي يفرضها على الدول الراغبة في الحصول على دعمه، وضمانه لها من أجل مساعدتها في الحصول على القروض والتسجيلات الائتمانية والمساعدات.
منقــول للأمــــــــــــــــــــــــــــانة
أنتظر ردوكـــــــــــــــــــــــــــــــم
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلام