Dadel مدير
عدد الرسائل : 654 العمر : 38 تاريخ التسجيل : 05/01/2008
| موضوع: إدارة المعرفة ودورها في إرساء مجتمع المعلومات الأحد نوفمبر 13, 2011 9:46 pm | |
| إدارة المعرفة ودورها في إرساء
مجتمع المعلومات | | | مستخلص يتفق الجميع على حقيقة أن المعلومات هو مورد مهم يستدعي أن تتم إدارته كما تدار موارد المنظمة الأخرى و في الوقت الذي أصبح فيه مصطلح "إدارة المعلومات" شائعاً في البيئة المعلوماتية، فلا زال مصطلح "إدارة المعرفة" غريباً إلى حد بعيد. و على الرغم من تزايد الإهتمام بمفهوم إدارة المعرفة خلال النصف عقد المنصرم، فلا زال الجدل لا زال محتدماً حول المفهوم الحقيقي له. فالبعض يتصور أن إدارة المعرفة ما هي إلا تعبير مرادف لمصطلح "إدارة المعلومات"، لذلك فهي جزء أساسي من إهتماماتنا نحن المعلوماتيون. في حين يرى آخرون أن إدارة المعرفة هي مفهوم يتركز على الجهود المعقدة الخاصة بتنظيم المداخل إلى مصادر المعلومات المتاحة عبر الشبكات. و هذا ما يجعلها محور إهتمام المعلوماتيين في وقتنا الحاضر. إلا أن فريقاً ثالثاً يرى أن "إدارة المعرفة" ما هي إلا آخر صرعات منتجو تقنية المعلومات و الإستشاريون الإداريون لبيع حلولهم المبتكرة إلى رجال الأعمال المتلهفين لأية أداة يمكن أن تساعدهم في تحقيق التقدم التنافسي الذي هم أحوج ما يكون إليه في ظل العولمة. و من المؤكد أن تقنية المعلومات تلعب دوراً محورياً في برامج إدارة المعرفة من خلال قدرتها على تسريع عملية خلق و نقل المعرفة. و تساعد أدوات إدارة المعرفة في جمع و تنظيم معرفة الجماعات يإتجاه جعل هذه المعرفة متوفرة على أساس المشاركة. و بسبب ضخامة مفهوم المعرفة و تشعبه، فقد أصبح سوق برمجيات إدارة المعرفة مربكاً و غير واضح المعالم و محيراً إلى حد بعيد. فمنتجو التقنية يطورون بدائل مختلفة من مفاهيم إدارة المعرفة في منتجاتهم البرمجية، مما جعل الحاجة ماسة لإيجاد أدلة تساعد في تصميم نماذج لأدوات إدارة المعرفة المتاحة للإفراد و المنظمات. و يمكننا اعتبار الإنترانيت، و نظم إدارة الوثائق الإليكترونية، و النظم المستندة إلى الذكاء الاصطناعي، و أدوات الذكاء الذهني من أهم حلول إدارة المعرفة المستخدمة في الوقت الحاضر. تعمل هذه الورقة على تحليل النتاج العلمي المنشور (إليكترونياً و ورقياً) بهدف الإجابة على التساؤل: هل أن إدارة المعلومات و إدارة المعرفة يعنيان الشيء نفسه؟ و إذا كان الجواب "لا"، فكيف تبدو العلاقة التي تربط بين إدارة المعرفة و إدارة المعلومات؟ و ما هو دور إدارة المعرفة في إرساء أسس مجتمع المعلومات في العالم العربي؟ مقدمة تشير كل المؤشرات إلى حقيقتين مهمتين. الأولى هي أن هناك تفهم واقعي لأهمية المعلومات كمورد أساسي مهم لابد من إدارته بحكمة و مسؤولية. و الحقيقة الثانية هي تنامي الإهتمام بما يعرف بإدارة المعرفة. و في الوقت الذي يبدو فيه أن هناك شبه اتفاق على معنى "إدارة المعلومات"، فلا زالت هناك أفكار متضاربة حول المعنى الحقيقي لمفهوم "إدارة المعرفة". فالبعض يفهم "إدارة المعرفة" على أساس كونها مصطلحاً بديلاً، أو مرادفاً لما نطلق عليه تسمية "إدارة المعلومات". و بهذا نكون نحن المعلوماتيين المسؤولون عن إدارة المعرفة و التعامل معها، لذلك فهي جزء من إهتماماتنا المتنوعة. في حين يرى آخرون أن إدارة المعرفة ما هي إلا بعض الجهود "المعقدة" التي تتعلق بتنظيم المداخل إلى مصادر المعلومات عبر الشبكات. أما رجال الإدارة فينظرون إلى إدارة المعرفة على أساس كونها صَرعة إدارية جديدة ما هي في حقيقتها إلا جهداً آخر يبذله منتجو تكنولوجيات المعلومات و الإستشاريون الإداريون لبيع حلولهم المبتكرة إلى رجال الإعمال (في العالم الغربي) المتلهفين لأية أدوات يمكن أن تساعدهم في تحقيق التقدم التنافسي الذي يبحثون عنه و يتلهفون للحصول عليه. و مما لا شك فيه أن إدارة المعرفة استطاعت خلال السنوات الخمسة المنصرمة أن تصبح مقبولة بشكل واسع. كما تزايد الإهتمام بها، ليس من قبل المجهزين فقط، بل من قبل العديدين من أفراد المؤسسات التي تتعامل بالمعرفة (و فئة المؤسسات هذه تضم في الواقع معظم مؤسسات المجتمعات المتقدمة، و العديد من مؤسسات المجتمعات النامية). و في الوقت الحاضر، هناك توجه واضح من الجميع نحو تفهم دور المعرفة في نجاح الأعمال و تطور المجتمعات، و نحو كيفية استثمار المعرفة في تحقيق التقدم التنافسي، على مستوى الأفراد، و المجموعات، و المؤسسات، و المجتمعات. و من المؤكد أن هناك شعوراً متنامياً يتمحور حول أهمية "أن يعرفوا الذي يعرفونه"، و أن يحقق المجتمع استفادة قصوى من إستخدام المعرفة. مشكلة البحث على الرغم من أن "المعرفة" هو مصطلح قديم إلا إنه بدأ يأخذ معنىً جديداً في السنوات الأخيرة. و يتمحور هذا المعنى الجديد حول كون المعرفة سلاحاً فعالاً يمكن لأية منظمة من المنظمات، أو أي مجتمع من المجتمعات، فيما لو أداره بشكل جيد، أن يستخدمه لتحقيق تقدم تنافسي على المجتمعات الأخرى. و كما هو معروف فالمعرفة خلقت في المجتمعات، و استحصلت، و نقلت عبر أجيال من البشر من الأباء إلى الأبناء. و في المنظمات، تنقل المعرفة من الرؤساء إلى المرؤوسين و بالعكس، و بين الزملاء. و المعرفة قد تخص الأساليب، أو الإجراءات، أو الأحداث، أو الأدوار، أو البحث في المجتمع أو المنظمة نفسها. و لكن هل يمكن للمعرفة أن تدار؟ فالكلمتين "معرفة" و "إدارة" تبدوان في الوهلة الأولى غير متوائمتين مع بعضهما البعض، غير أن العديدين (من علماء، و باحثين، و دارسين، و غيرهم) قد درجوا على إبتكار، أو اختراع، أو تركيب مصطلحات و تقديمها بشكل غامض للآخرين ليتركوهم يستنبطون معانيها كل بحسب فهمه للمصطلح. و هذه الحالة تنطبق على العديد من مصطلحات تخصصنا، علم المعلومات. فكل يوم نسمع عن مصطلح جديد لا تعريف واحد واضح له. و من هذه المصطلحات، مصطلحي "إدارة المعلومات"، و "إدارة المعرفة". و تتزايد المشكلة تشعباً إذا ما عرفنا أن معظم الناس يستخدمون المصطلحين بشكل تبادلي، أي إنهم يشعرون، و ببساطة، أن المصطلحين يعنيان الشيء نفسه تماماً لذلك ليس هنالك ما يمنع من استخدامهما بشكل تبادلي، مثلما هو الحال في إستخدام مصطلحي "بيانات" و "معلومات" على الرغم من أننا، كمعلوماتيين، نعرف بدقة حقيقة الاختلاف فيما بينهما. أهداف البحث يهدف البحث إلى التعريف بمصطلح "إدارة المعرفة" و تحديد مكوناته، و محاولة التعرف على مدى قربه أو بعده عن "إدارة المعلومات". كما يسعى إلى التعريف بالدور الإستراتيجي لإدارة المعرفة في مجتمعات و تنظيمات اليوم، و خاصة دورها في تحقيق التقدم التنافسي للمجتمع أو للمنظمة. الأسئلة البحثية يسعى البحث إلى إجابة الأسئلة البحثية الآتية: 1. ما المقصود بإدارة المعرفة؟ 2. ما هي خصائص و ميزات إدارة المعرفة التي تجعلها الشغل الشاغل للكثيرين من الإداريين، و منتجي تكنولوجيا المعلومات، و غيرهم؟ 3. هل أن إدارة المعرفة و إدارة المعلومات يعنيا الشيء نفسه؟ و إذا كان الجواب سلبياً، فما هو نوع العلاقة التي تربط بين المصطلحين؟ 4. ما هو دور إدارة المعرفة في إرساء أسس مجتمع المعلومات؟ أسلوب البحث يستخدم البحث أسلوب مسح النتاج العلمي المنشور (إلكترونيا أو ورقياً) لمحاولة الحصول على إجابة (أو إجابات) للأسئلة البحثية. و يجري البحث عن الإجابة أساساً في الإنترنت، و قواعد البيانات الإليكترونية المتوفرة في مكتبة جامعة قطر. كما يتم مسح كشافات الدوريات للبحث عما نشر عن هذا الموضوع في دوريات إدارة الأعمال، و دوريات علم المعلومات، و دوريات الفلسفة بشكل أساسي. و يعتمد البحث أسلوب مقارنة وجهات النظر سعياً لعرض أكبر عدد ممكن من الأفكار و التصورات الخاصة بهذا الموضوع و بما يمكننا من بناء وجهة نظرنا حوله. المحددات الزمانية و المكانية للبحث حدد شهر شباط (فبراير) 2002، كفترة يتم فيها جمع البيانات الأساسية للبحث. على أن يجري تحليل البيانات خلال شهري آذار (مارس) و نيسان (أبريل). لذلك فجميع الدراسات التي نشرت بعد شباط 2002 لم تتم تغطيتها في هذا البحث. و تم تحديد مكتبة جامعة قطر (الذكور) لإجراء البحث عن مصادر المعلومات المتاحة في قواعد البيانات الإليكترونية التي تمتلكها مكتبة الجامعة و تتيح مداخل إليكترونية لها. أما بالنسبة للإنترنت فقد تم الدخول إليها من مواقع متعددة في مدينة الدوحة. و بناءً على ذلك فليست هناك أية حدود مكانية لمصادر المعلومات المستخدمة في البحث ما عدا توافرها من خلال الإنترنت. إدارة المعلومات إدارة المعلومات هي ببساطة، حقل علمي في طريقه إلى أن يصبح أكثر شيوعاً و تنظيماً. و يهتم هذا الفرع العلمي بضمان المداخل التي توصل إلى المعلومات، و توفير الأمان و السرية للمعلومات، و نقل المعلومات و إيصالها إلى من يحتاجها، و خزن المعلومات و استرجاعها عند الطلب. و إدارة المعلومات هي العملية التي تتضمن إستخدام أدوات تكنولوجيا المعلومات لتوفير إستخدام أكثر فاعلية و كفاءة لكل المعلومات المتاحة لمساعدة المجتمع، أو المنظمة، أو الأفراد في تحقيق أهدافهم. و تتعامل إدارة المعلومات بشكل عام مع الوثائق، و برمجيات الحاسوب، و المعلومات الصوتية و الصورية، و ما إلى ذلك. و يتمركز إهتمام إدارة المعلومات حول فاعلية المعلومات، و حداثتها، و دقتها، و سرعة تجهيزها، و كلفتها، و خزنها و إسترجاعها. في حين أن خلق المعلومات، و دراستها، و تعلمها، و معناها، و فهمها هي ليست الموضوعات المركزية لهذا الفرع العلمي التطبيقي. و من الواضح أن لإدارة المعلومات الجيدة دوراً مهماً تلعبه في فعاليات المعرفة المختلفة في المجتمعات من خلال مساهمتها في خلق قواعد بيانات المعرفة، و جمع المعرفة و تصنيفها، و تطوير مراكز المعرفة و ضمان انسياب المعرفة فيها، و ما إلى ذلك. و إدارة المعلومات، كمصطلح علمي، إنتشر استخدامه في الأدبيات المختلفة لعلم المعلومات، و إدارة الأعمال، و غيرهما من التخصصات العلمية. أما في الجانب الأكاديمي، فقد ظهرت العديد من البرامج الأكاديمية في هذه الجامعة أو تلك و التي تمنح درجات علمية (بكالوريوس، و ماجستير، و دكتوراه) في إدارة المعلومات. و كما هو معروف، فإن ظهور برامج أكاديمية في أي تخصص من التخصصات يؤدي بالضرورة إلى تطور التخصص و تنامي معارفه لما يرافق هذه البرامج من بحوث علمية و اكتشافات متنوعة. و تتمحور المقررات الدراسية التي يتوجب على طلبة إدارة المعلومات دراستها حول نظم المعلومات، و تكنولوجيا المعلومات، و الجوانب البيئية و الإجتماعية و الأخلاقية للمعلومات. و في الجانب التطبيقي، تتعلق عملية "إدارة المعلومات" في الوقت الحاضر أساساً بنظم المعلومات و إستخدامها في إنتاج و بث و إيصال المعلومات. كما يتعلق بدراسة و تفهم إستخدام عدد من التكنولوجيات ذات العلاقة بمعالجة البيانات و إنتاج المعلومات. و في هذا السياق، هناك عدد من المصطلحات الفرعية، مثل، إدارة الوثائق، و إدارة الأرشيف، و إدارة المجموعات و مصادر المعلومات، و ما إلى ذلك التي تشكل جوانب الإهتمام التطبيقي لإدارة المعلومات. ما هي إدارة المعرفة؟ تعتبر إدارة المعرفة قديمة و جديدة في الوقت نفسه. فقد درج الفلاسفة على الكتابة في هذا الموضوع منذ آلاف السنين. و لكن الإهتمام بعلاقة المعرفة بهيكلية أماكن العمل هي جديدة نسبياً. و من المؤكد أن الكثير قد كتب عن هذه العلاقة، و لكن معظمه كان خلال السنوات القلائل الماضية، و منذ مطلع التسعينيات من القرن المنصرم. و قبل أن نحاول أن نتعرف عل المقصود بمصطلح "إدارة المعرفة" يفترض بنا أن نحدد ما نقصده بالمعرفة، أولاً. يعرف الصباغ المعرفة على إنها "مصطلح يستخدم لوصف فهم أي منا للحقيقة (1). و يمكن وصف المعرفة على إنها "مجموعة من النماذج التي تصف خصائص متعددة و سلوكيات ضمن نطاق محدد (2). و يمكن للمعرفة أن تسجل في أدمغة الأفراد أو يتم خزنها في وثائق المجتمع (أو المنظمة) و منتجاته و ممتلكاته و نظمه، و عملياته. و على الرغم من توافر عدد كبير من التعاريف اللغوية أو العملياتية لمصطلح "معرفة"، فإننا سنستخدم المعرفة في هذه الورقة على أساس كونها الأفكار أو الفهم الذي تبديه كينونة معينة (فرد أو مؤسسة أو مجتمع) و الذي يستخدم لاتخاذ سلوك فعال نحو تحقيق أهداف الكينونة. و المعرفة خاصة بالكينونة التي أوجدتها. و لابد لنا من أن نميز بين "المعرفة" و "المعلومات". فعلى الرغم من عدم وضوح الحدود الفاصلة بين المصطلحين، إلا أنهما ليسا وجهين لعملة واحدة. فالمعلومات هي ما ينتج من معالجة البيانات التي تتوالد في البيئة و هي تزيد مستوى المعرفة لمن يحصل عليها. و هذا يعني أن المعرفة هي أعلى شأناً من المعلومات. فنحن نسعى للحصول على المعلومات لكي نعرف (أو نزيد معارفنا). و تتواجد المعرفة في العديد من الأماكن، مثل، قواعد المعرفة، و قواعد البيانات، و خزانات الملفات، و أدمغة الأفراد، و تنتشر عبر المجتمع و منظماته. و في العديد من الأحيان تكرر شريحة ما في المجتمع عمل شريحة أخرى لأنها، و ببساطة متناهية، كان يتعذر عليها أن تتابع، و تستخدم المعرفة المتاحة في شرائح أخرى. و يبدو ذلك أكثر وضوحاً في منظمات الأعمال منه في المجتمعات. ففي أحيان عديدة نرى أن إدارة ما تكرر أعمال إدارة أخرى من إدارات المنظمة لأن الأولى لا تعرف بتوافر المعرفة لدى الإدارة الثانية، لذلك تحتاج المنظمة إلى أن تتعرف على: 1. ما هي موارد المعرفة المتوفرة لديها. 2. كيف تدير و تستخدم هذه الموارد لتحقيق أقصى مردود ممكن. و من المؤسف أن إهتمام معظم المنظمات يتركز على مواردها المادية الملموسة و تترك موارد المعرفة التي تملكها بغير إدارة على الرغم من أهميتها. و عادة ما تتوافر المعرفة بهيئتين: معرفة واضحة، و معرفة ضمنية. المعرفة الواضحة يسهل نقلها و المشاركة فيها، و من أمثلتها (بالنسبة للمنظمات) مواصفات منتوج معين، أو صيغة علمية، أو برنامج حاسوب. أما بالنسبة للمجتمعات، فالمعرفة الواضحة تتمثل في القوانين، و التشريعات، و التعليمات، و ما إلى ذلك. أما المعرفة الضمنية فهي شخصية إلى حد بعيد، و هناك صعوبات بالغة في تحديد معالمها و التعرف عليها لذلك فمن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، تناقلها و المشاركة فيها. أما إدارة المعرفة فهناك أيضاً عدد كبير من التعاريف التي تحاول أن تحدد معالمها بدقة. و قبل أن نخوض في تعاريف إدارة المعرفة، يتوجب علينا أن نشير إلى أن المعرفة يمكن فهمها على أساسها المجرد، فهناك صعوبة بالغة في أن "نعرف ما نعرف أو ما لا نعرف". و على كل حال يمكننا أن نعرف إدارة المعرفة على أنها: "فرع علمي يشجع الأسلوب المتكامل لتعريف، و إدارة، و المشاركة في جميع موارد المعلومات التي تمتلكها منظمة ما ] و المنظمة في هذا السياق تعني أي تنظيم، بضمنها المجتمع[. و موارد المعلومات هذه قد تشتمل على قواعد البيانات، و الوثائق، و السياسات، و الإجراءات، و الخبرات القديمة غير الواضحة التي تتواجد في أعمال منتسبي المنظمة و أفرادها (3). أما سكايرم، و هو أحد أبرز من تناولوا مفهوم إدارة المعرفة، فيعرفها على أساس إنها "الإدارة النظامية و الواضحة للمعرفة و العمليات المرتبطة بها و الخاصة باستحداثها، و جمعها، و تنظيمها، و نشرها، و إستخدامها، و استغلالها. و هي تتطلب تحويل المعرفة الشخصية إلى معرفة تعاونية يمكن تقاسمها بشكل جلي من خلال المنظمة (4). و تقدم المدرسة العليا لإدارة الأعمال في جامعة تكساس في أوستن تعريفاً لإدارة المعرفة يختلف قليلاً عن تعريفينا السابقين. فهي تعرف إدارة المعرفة على أساس أنها: "العمليات النظامية لإيجاد المعلومات، و استحصالها، و تنظيمها، و تنقيتها، و عرضها بطريقة تحسن قدرات الفرد العامل في المنظمة في مجال عمله. و تساعد إدارة المعرفة المنظمة في الحصول على الفهم المعمق من خلال خبراتها الذاتية. كما تساعد بعض فعاليات إدارة المعرفة في تركيز إهتمام المنظمة على استحصال، و خزن، و استخدام المعرفة لأشياء مثل حل المشاكل، و التعلم الديناميكي، و التخطيط الإستراتيجي، و صناعة القرارات. كما إنها تحمي الموارد الذهنية من الاندثار، و تضيف إلى ذكاء المنظمة، و تتيح مرونة أكبر (5). و يتضمن مفهوم إدارة المعرفة، تعريف و تحليل موارد المعرفة المتوفرة و المطلوبة و العمليات المتعلقة بهذه الموارد و التخطيط و السيطرة على الأفعال الخاصة بتطوير الموارد و العمليات، و بما يسهم في تحقيق أهداف المنظمة. و موارد المعرفة في هذا السياق هي المعرفة التي تمتلكها المنظمة أو التي تحتاج إلى امتلاكها و المتعلقة بالمنتجات و السوق و التكنولوجيات و المنظمات بحيث تسهم في زيادة الأرباح أو توفير قيمة مضافة للخدمات و المنتجات. و لا تتعلق إدارة المعرفة بإدارة هذه الموارد فقط، بل تتعدى ذلك إلى إدارة العمليات الخاصة بهذه الموارد. و هذه العمليات تتضمن: - تطوير المعرفة. - الحفاظ على المعرفة. - استخدام المعرفة. - تقاسم المعرفة. و هناك العديد من المشاكل و الصعوبات التي ترتبط بتعريف موارد المعرفة و التمكن من إستخدامها و إدارتها بصورة فعالة و اقتصادية. فالمنظمات هي بحاجة دائمة إلى: 1. مصطلحات مستخدمة في جميع أرجائها لضمان أن المعرفة يتم فهمها بصورة صحيحة و متماثلة في جميع الإدارات و الأقسام و وحدات العمل و من قبل جميع الأفراد. 2. أن تكون قادرة على تعريف، و نمذجة، و عرض معرفتها بوضوح. 3. أن تتقاسم و تعيد إستخدام معرفتها في تطبيقات مختلفة و لمستخدمين متنوعين. و هذا يؤدي بها إلى أن تكون قادرة على تقاسم مصادر المعرفة المتوافرة حالياً و المستقبلية أيضاً. 4. أن تخلق ثقافة معرفية و أن تشجع تقاسم المعرفة. و تستطيع مجموعة من الأدوات و الأساليب التي يطلق عليها هندسة المعرفة أن تتقدم بشكل واضح في التعريف بواقع و أساليب إستخدام موارد المعرفة المنظمية. و هي تقدم أساليب واضحة لتصميم و بناء تطبيقات تعتمد على المعرفة. و هي أدوات لدعم و إسناد استحصال، و نمذجة، و توكيد، و إدامة المعرفة في هذه التطبيقات. و لكن هذه الأدوات تبقى عاجزة عن إسناد عمليات إدارة المعرفة في كل المستويات في المنظمة. ففي المستوى الأعلى (المستوى الإستراتيجي) تحتاج المنظمة إلى إمكانية تحليل و تخطيط أعمالها في ضوء المعرفة التي تمتلكها حالياً و المعرفة التي تحتاجها لعمليات أعمالها المستقبلية. أما في المستوى الأوسط (المستوى التكتيكي) فتهتم المنظمة بتعريف و صياغة المعرفة المتوافرة، و استحصال معرفة جديدة لاستخداماتها المستقبلية، و إستحداث أنظمة تتيح تطبيقات فعالة و مؤثرة للمعرفة في المنظمة. أما في المستوى الأدنى (المستوى التشغيلي) فالمعرفة تستخدم في الأعمال اليومية النمطية من قبل الأفراد المهنيين الذين يحتاجون إلى مداخل إلى المعرفة الصحيحة، في الوقت الصحيح، و في المكان الصحيح. الإطار العام لإدارة المعرفة يحدد فان دير سبيك و دي هووغ إطاراً عاماً لإدارة المعرفة يغطي أربعة فعاليات رئيسية، هي (6): 1. تعريف موارد المعرفة التي تمتلكها المنظمة: ما هي هذه الموارد؟، و ما الذي تحتويه؟، و ما هي طبيعة إستخدامها؟، و ما هي الهيئة التي تتوافر بها؟، و ما مدى توفر المداخل إليها؟ 2. تحليل كيف يمكن للمعرفة أن تضيف قيمة: ما هي فرص إستخدام موارد المعرفة؟، و و ما هو تأثير إستخدامها؟، و ما هي معوقات إستخدامها في الوقت الحاضر؟، و ما الذي ستشكله قيمتها المتعاظمة للمنظمة؟ 3. تحديد ماهية النشاطات المطلوبة لتحقيق إستخدام و قيمة مضافة أفضل: كيف نخطط النشاطات لإستخدام موارد المعرفة؟، كيف نفعل النشاطات؟، كيف نراقب النشاطات؟ 4. مراجعة إستخدام المعرفة لضمان القيمة المضافة: هل أن إستخدامها ينتج القيمة المضافة المرغوبة؟، كيف يمكن إدامة موارد المعرفة لإغراض هذا الإستخدام؟، هل أن الإستخدام يخلق فرصاً جديدة؟ و من أجل تعريف موارد المعرفة الحرجة المطلوبة من قبل المنظمة لتلبية إحتياجات السوق للسنوات الخمسة إلى العشرة القادمة، وضع ماكنتوش و زملاءه ما أطلقوا عليه "خريطة طريق إدارة المعرفة (7). و هذه الخريطة في حقيقتها هي آليات تمكن المنظمات من رؤية موارد المعرفة الحرجة التي تمتلكها، و العلاقات التي تربط بين الموارد و المهارات، و القدرات و التكنولوجيات المطلوبة لتلبية الإحتياجات المستقبلية للسوق. و هي تسمح بـ: 1. تعريف و تبرير نشاطات إدارة المعرفة الفردية في ضوء مشاركتها في الجهد العام. 2. اتصالات عمل فعالة و تقدم في البرنامج للمشاركين و المراقبين. 3. أفكار إدارية لهؤلاء المشاركين في تنفيذ البرنامج و قياس تقدمه. 4. اتصالات أكثر فاعلية بين المستخدمين، و الباحثين، و الفنيين، و المدراء المشاركين في جوانب مختلفة من البرنامج. 5. قرارات أفضل يتم اتخاذها بخصوص فرص الإستفادة المستقبلية من نتائج البرنامج. 6. تعريف الفجوات المعرفية التي هي بحاجة إلى ردم أو تجسير. و خريطة طريق إدارة المعرفة هي وثيقة حية يتم تحديثها بشكل دائم منذ وضعها في عام 1998، و هي تنفع كإطار عام لمراقبة برنامج إدارة المعرفة. و هي تعكس الواقع الحالي للعلاقات الداخلية بين العمل الجاري و العمل المقترح للمستقبل و الهدف العام للبرنامج. أنواع المعرفة المعرفة، كما أسلفنا هي مصطلح قديم بدأ يأخذ معنى جديد في الآونة الأخيرة. فما الذي تعنيه؟ و ما هي أنواع المعرفة المهمة للمنظمات؟ في أبسط الصور، يؤشر ديفيد هاي ثلاثة أنواع (: " البيانات - كمعلوماتيين (أو ختصاصيي معلومات)، نحن نفترض أن أهم معرفة هي التي تتوافر في قواعد بياناتنا العلائقية. فنحن نبني مخازن للبيانات تسعى لوضع كل المعلومات المتوافرة في المنظمة قيد أنامل المدراء. و لكن هذا جزء واحد من معرفة المنظمة. و هي تقتصر على معلومات عن المنتجات، و الناس، و الفعاليات، و ما إلى ذلك من أشياء هي جزء من بيئتنا الحالية. فمخازن البيانات لا تمتلك إلا أقل من القليل من المعلومات عن المستقبل. ما هو مجال الأعمال البديل الذي يمكن أن نعمل فيه؟ " رأس المال الفكري - نجد في بطون أرشيفات المنظمة نتائج بحوثها و عملياتها التطويرية. فهنا تتواجد براءات الاختراع و حقوق النشر. فالأفكار التي بدت رائعة جداً و لكنها لم تؤدي ثمارها في ذلك الحين لا زالت متوافرة في هذا الأرشيف أو ذاك. هنا يتوافر لنا مصدر مهم للنمو المستقبلي. فالرأسمال الفكري الذي تمتلكه المنظمة و لم تتمكن من الإستفادة منه في السابق قد يكون مصدراً للإلهام و الابتكار الآن أو في المستقبل المنظور. " الخبرة - الفئة الثالثة من فئات المعرفة هي التي نعاني صعوبة أكبر في استحصالها، و هي خبرات العاملين في المنظمة. فالأفراد يعرفون أشياءً عن كل ما يعمل و عن كل ما لا يعمل. و المنظمة التي لا تعاني من تسرب العمالة تمتلك أحجام ضخمة من المعرفة - لو استطاعت فقط أن تعرف كيف تصل إليها. و على العكس من ذلك، فالمنظمة تفقد جزءاً من ثروتها في كل مرة يترك أحد العاملين فيها عمله. و لكن ما الذي نريد أن نعرفه يا ترى؟ يقول هاي أن الصحافة يمكن أن تقدم لنا نموذجاً واقعياً لما نريد أن نعرفه. فالاتجاهات التقليدية لأية قصة إخبارية هي "ماذا؟"، و "كيف؟"، و "أين؟"، و "متى"، و "لماذا"، و يمكن أن يترجم ذلك إلى الآتي (9): " أشياء العمل (ماذا) - ما هي الأشياء المهمة بالنسبة للمنظمة و التي تريد أن تعرف عنها بعض الأشياء؟ ما هي المصادر (الذهنية و المادية) المتوافرة؟ " العمليات (كيف) - ماذا تفعل المنظمة؟ ما الذي يجب أن تفعل؟ كيف يجري ذلك؟ " الجغرافية و التوزيع (أين) - أين تمارس المنظمة عملها؟ كيف ينتقل الأفراد و الأموال و المواد و المعلومات من مكان إلى آخر؟ " التنظيم (من) - ما هو تنظيم المنظمة؟ ماذا تعني التوجهات الجديدة نحو إدارة المعرفة؟ " الأحداث، و الوكلاء، و الاستجابات (متى) - ما هو الدور الذي يلعبه الوقت في عمليات المنظمة؟ ما الذي يؤدي لحدوث الأشياء؟ من الذي يستجيب و بأية صورة؟ " التحفيز و قواعد عمل المنظمة (لماذا) - ما هي أهداف المنظمة، و كيف تترجم إلى قواعد عمل؟ يتكون جسم معرفة المنظمة من كل ذلك، مخلوطة مع بعض بأساليب شتى. و تتوافر بعض أساليب النمذجة التي تساعد في التعريف بها، و لكن لا يتوفر لحد الآن نموذجاً واحداً متكاملاً قادراً على استحصالها جميعاً. و محاولة التعرف هذه ترتبط أساساً بعمليات المعرفة التي تشتمل على: (1) إنتاج المعرفة، و (2) استحصال المعرفة، و (3) نقل المعرفة. و عمليات المعرفة هذه تسند عمليات المنظمة الأخرى من خلال توفير المعرفة المطلوبة لأداء العمل. و إدارة المعرفة تسعى لأن تجلب مع بعض مستودعات المعلومات المعتمدة على التكنولوجيا (جهة العرض) و المنظمات المتعلمة ( جهة الطلب) (10). و إدارة المعرفة الجيدة تعني التأثير بعمليات المعرفة في منظمة ما بحيث يتبلور تعليم موجه نحو الهدف، و إبتكار، و تطور متكيف. العلاقة بين إدارة المعلومات و إدارة المعرفة بالنسبة للعديدين لا يبدو هناك أي اختلاف بين "إدارة المعرفة" و "إدارة المعلومات". و يبدو ذلك منطقياً حين يخص الموضوع غير المعلوماتيين. فبالنسبة لمسوقي تكنولوجيا المعلومات، تعتبر الماسحة الضوئية (scanner) هي تكنولوجيا رئيسية لإدارة المعرفة لأنها ضرورية لتقاسم المعرفة. لذلك فمعظم الذي يشار إليه كإدارة معرفة ما هو في حقيقته إلا إدارة معلومات. و في هذا المجال، يشير دانهام غراي أن التعامل مع الأشياء (البيانات أو المعلومات) هو إدارة معلومات، و العمل مع البشر هو إدارة معرفة. و كما أشرنا سابقاً، فإن إدارة المعلومات تتعلق بالوثائق و رسومات التصميم المسند بالحاسوب، و الجداول الإلكترونية، و رموز البرامج. و هي تعني ضمان توفير المداخل، و الأمنية، و الانتقال، و الخزن. و هي تتعامل حصرياً مع التمثيل الواضح و الجلي (11). في حين أن إدارة المعرفة، من الناحية الأخرى، تميز القيمة في الأصالة، و الابتكار، وسرعة الخاطر، و القدرة على التكيف، و الذكاء، و التعلم. و هي تسعى إلى تفعيل إمكانيات المنظمة في هذه الجوانب. و تهتم إدارة المعرفة بالتفكير النقدي، و الابتكار، و العلاقات، و الأنماط، و المهارات، و التعاون و المشاركة. و هي تدعم و تسند التعلم الفردي و تعلم المجموعات. و تقوي التعاضد بين أفراد المجموعات و تشجع مشاركتهم في الخبرات و النجاحات و حتى الفشل. و قد تستخدم إدارة المعرفة التكنولوجيا لزيادة الإتصال، و تشجيع المحادثة، و المشاركة في المحتوى، و التفاوض حول المعاني. و لكن التكنولوجيا لا تشكل محور الإهتمام المركزي لإدارة المعرفة. أما سكايرم فيبين أنه وجد الكثير من الحالات التي استبدل الأفراد فيها كلمة "معلومات" بكلمة "معرفة" و كأنه ليس هنالك أي فارق (12). . و لكن ليس كما هو الحال مع المعلومات، فهناك جزء كبير من المعرفة المفهومة ضمنياً (معرفة ضمنية)، و هي المعرفة غير القابلة للتمثيل، و التي تتوافر في أدمغة الأفراد فقط. و تبين البحوث و الدراسات المتنوعة أن مهارات و أدوات إدارة المعلومات الجيدة هي أسس مهمة للغاية. و هي تشتمل على مهارات المعلوماتيين (أمناء المكتبات على سبيل المثال لا الحصر)، و المتمثلة في، تصنيف المعلومات و أوعيتها، و تكشيف و إدارة قواعد البيانات النصية، و إستخدام المكانز و إدارتها. و لكن إدارة المعرفة تذهب أبعد من ذلك. فهي تحتاج أيضاً إلى: " عمليات التي يشارك فيها الأفراد و تساعدهم في إستخدام المعرفة المتاحة. " نظم تتيح إنسياب المعرفة من "العارف" إلى المستخدم. " عمليات تشجع تطوير و إستخدام معرفة جديدة. " ثقافة تحفز الإبداع و المشاركة في المعرفة. " فهم أسس اقتصاديات المعرفة (مورد متنام و ليس مستنفذ). " طرق لقياس و تطوير القدرات المنظمية. دور إدارة المعرفة في إرساء أسس مجتمع المعلومات بدأ اقتصاد المعرفة بالتطور بقوة منذ عقد التسعينيات. فأحد أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً في العالم هي قطاعات المعرفة المكثفة-بضمنها أعمال الأوساط (media business)، و شركات الإنترنت، و الصيدلانيات، و مكاتب الاستشارات الإدارية (13). و لكن الجانب الأهم هو أن المجتمعات المختلفة و حكوماتها أخذت تتلمس أهمية المعرفة لخلق الثروة. فقد أطلق البنك الدولي تسمية المعرفة من أجل التطوير على تقريره السنوي لعام 1998-1999 كذلك فقد أطلقت الحكومة البريطانية على آخر أوراقها البيضاء تسمية بناء اقتصاد المعرفة. و هذا يطهر بوضوح أن هناك توجه عالمي واضح نحو تبني المعرفة كخيار أساسي في بناء الاقتصاد. و قد تم التعرف، من خلال تحليل الممارسات العملية المتميزة، على أسلوبين أساسيين، هما: تقاسم أفضل للمعرفة المتاحة. تقاسم الممارسات الأفضل أو تطوير قواعد بيانات خبرة (بحيث نتمكن من ربط من يحتاج إلى المعرفة بالخبراء الذين يمتلكونها) هو أول أسلوب شاع استخدامه في برامج المعرفة بعد أن حقق نتائج باهرة. خلق معرفة جديدة و تحويلها إلى منتوجات، و خدمات، و أساليب ذات قيمة. و هذا يركز على الابتكار الأفضل و الأسرع، من خلال أخذ منظور المعرفة إلى عملية الابتكار كما في الشكل رقم (1). فمن خلال طرق إعادة التفكير الخاصة بتطوير إنسياب و تحويل المعرفة، يمكن إدارة الأفكار الجيدة بشكل أفضل و تلبية احتياجات العملاء بصورة مباشرة. و الأسلوب الثاني أصعب من الأول، و لكن نتائجه في الأداء قد تكون عظيمة. فقد يحقق عشرة أضعاف ما يحققه الأسلوب الأول. و مع تعاظم التعامل مع إدارة المعرفة، فإن هذا الحقل سيصبح تخصصاً و فرعاً علمياً بحد ذاته. و لو أن هناك من يعتقد بأن إدارة المعرفة هي التطور المستقبلي لحقل علم المعلومات بحيث يصبح امتدادا طبيعياً لما بدأ يوماً ما كـ "علم المكتبات (15). و الشكل رقم (2) يبين التطور الحالي و المتوقع للحقل العلمي. هل نتحول إلى "إدارة المعرفة؟" أما الآن فقد أصبحت إدارة المعرفة مدمجة في العديد من الفعاليات المجتمعية. و بمعنى آخر، أصبحت إدارة المعرفة قوة مؤثرة تستفيد منها مختلف المجتمعات في تحقيق تقدمها على المجتمعات الأخرى أو على الأقل تصبح مساوية لها تكنولوجياً و علمياً و ثقافياً. و السؤال الذي يمكن طرحه في هذا السياق هو: "ما الذي يمكن لإدارة المعرفة أن تحققه لمجتمعنا العربي لإرساء أسسه كمجتمع معلوماتي قادر على منافسة المجتمعات الأخرى؟" الجواب على هذا التساؤل يتطلب منا إلقاء نظرة متفحصة على الذي استطاعت المجتمعات المتقدمة أن تحصل عليه نتيجة للإدارة الفعالة للمعرفة. لقد وفرت إدارة المعرفة الكثير من الفرص للمنظمات في المجتمعات المتقدمة لتحقيق تقدم تنافسي من خلال ابتكارها لتكنولوجيات جديدة، و وسائل إنتاج جديدة، و أساليب عمل جديدة ساهمت في تخفيض التكاليف و بالتالي زيادة الأرباح. و كل ذلك دفع إلى خلق ما يسمى بصناعة المعرفة (knowledge industry)، التي أصبحت اليوم موضوع الساعة لقطاع الأعمال في المجتمعات الأكثر تقدماً صناعياً. و يبدو أن هذا التوجه قد صار أساسياً و ليس وقتياً أو ظرفياً، و خاصة بالنسبة للمنظمات المهنية الخدمية (مثل مؤسسات الاستشارات المالية و العلمية و التكنولوجية)، و يتضح ذلك من خلال (16): " إن جزءاً متعاظماً من الصناعات الخالقة للثروة هي صناعات معرفية. فالصناعة الإعلامية، و الصيدلانية، و التكنولوجيا المتقدمة "Hi Tech" (بضمنها الإنترنت) و الخدمات المهنية كلها استطاعت أن تنمو بسرعة تزيد عدة أضعاف عن الصناعات الأخرى. " يقدر أن أكثر من 70 بالمائة من العمل هو في مجالات تتعلق بالمعلومات أو المعرفة. و حتى الصناعات التقليدية أصبح عدد عمال المعرفة فيها (العاملين الذين يستخدمون أدمغتهم) أكبر من العمال الذين يستخدمون أياديهم. " هناك قيمة متزايدة لغير الملموس. فقيمة العديد من المنظمات كما تظهر من أسعار أسهمها هي عادة عشرة مرات بقدر قيمة ممتلكاتها الدفترية. و الفروق تعود في الأساس إلى الممتلكات غير الملموسة، مثل الاسم التجاري، و براءات الاختراع، و حقوق النشر، و المعرفة الفنية. و يمكن لمجتمعاتنا العربية أن تستفيد من إدارة المعرفة من خلال الأسلوبين الذين ذكرناهما سابقاً، و هما: التقاسم الأفضل للمعرفة، و خلق معرفة جديدة و تحويلها إلى منتجات، و خدمات، و أساليب ذات قيمة. و الأسلوبان، كما هو واضح، يعتمدان بشكل يكاد يكون تاماً على تكنولوجيات المعلومات التي ستتم الاستفادة منها بشكل مكثف في المجتمع، و هذا ما سيسهم بالتالي في إرساء أسس المجتمع المعلوماتي القادر على النمو و التقدم. استنتاجات و خاتمة من الواضح أن العديد من المصطلحات تتم صياغتها و تقدم إلى القراء لكي يفهموها بأشكال مختلفة، و هذا ببساطة هو الحال عند التعامل مع مصطلحي "إدارة المعلومات" و "إدارة المعرفة". فقد وجد أن هناك استخدامات متعددة لمصطلح "إدارة المعلومات" و كذا الحال بالنسبة للمصطلح الآخر. فإدارة المعلومات في حالات كثيرة تستخدم لوصف وظائف نظام المعلومات. و بنفس الأسلوب يستخدم مصطلح "إدارة المعرفة" للتعبير عن شيء ما له علاقة بالإدارة النظامية للمعرفة سعياً لتحقيق الفوائد للأعمال في كل المجتمعات. و مثل المعلومات، فالمعرفة هي مورد حيوي و مهم. و لكن في الوقت الذي يمتلك فيه مصطلح "إدارة المعلومات" واقعية واضحة من خلال كونه يمثل إدارة لأشياء يمكن أن نتعامل معها فإن مصطلح "إدارة المعرفة" يبدو و كأنه مكون من كلمتين متناقضتين؛ فكيف تدير شيءً غير ملموس و شخصي إلى حد بعيد؟ و نحن لا نستطيع، على عكس الحالة مع المعلومات، أن نخزن المعرفة في الحاسوب، و لكننا نستطيع أن نجمعها في النظم الخبيرة و ما يماثلها من تكنولوجيات متقدمة. و تحتاج إدارة المعرفة إلى مهارات و طرق جديدة، و هي حقل جديد نسبياً لم يتم تطوير طرقه بشكل جيد لحد الآن. و أخيراً، فعلى الرغم من التشابه الكبير بين المصطلحين، إلا أنهما ليسا وجهين لعملة واحدة، فهما مصطلحان مختلفان. فإدارة المعرفة تعمل في المستوى التجريدي أكثر من إدارة المعلومات. و هذا يجعل ارتباطها الرسمي مع الفوائد و الممتلكات الملموسة صعب الاستحصال و التوضيح، و لكن هذا لا يقلل من أهميتها الإستراتيجية بأي شكل من الأشكال. و لكي نتفهم واقع إدارة المعرفة، فلابد لنا من أن ننظر بشكل أكثر واقعيةً إلى الماضي و الحاضر. في الماضي كانت هناك الكثير من المجتمعات التي تمارس إدارة المعرفة بصورة أو بأخرى من دون أن تطل على ممارساتها هذه التسمية. أما اليوم فإن العديد من المجتمعات اتخذت خطوات رسمية في هذا الجانب و استحدثت برامج إدارة المعرفة. و لكن لا زالت هذه المجتمعات قاصرة عن إدماج "إدارة المعرفة" بشكل كامل في فعالياتها و قراراتها المجتمعية. و خلف ذلك كله، الفرص الابتكارية ستخلق من خلال تكنولوجيا المعلومات الدائمة التطور و الحلول البرمجية. و ستتيح تطبيقات الذكاء الاصطناعي للحاسوب أن يعمل كشريك لعمال المعرفة، يكيف أفعالهم مع سلوكيات المستفيدين من خلال التنبؤ بالمعلومات التي قد يحتاجون إليها. و بناءً على ذلك، فمن الواضح أن إدارة المعرفة تستطيع أن تسهم في إرساء أسس المجتمع المعلوماتي من خلال تبادل أفضل للأفكار مما يتيح استفادة أكبر من الموارد الذهنية المتاحة و إمكانية أحسن للابتكار و التطور.
المراجع (1) الصباغ، عماد عبد الوهاب (2000) علم المعلومات (عمان: مكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع): (2) Graduate School of Business, University of Texas at Austin (1998) What is Knowledge Management? [Available at http://www.bus.utexas.edu/ kman/answers. htm#whatkm] (3) Corrall, Sheila (1999) Knowledge Management; Are We in the Knowledge Management Business? Ariadne [Available at http://www.rdg.ac.uk/libweb] (4) Skyrme, David J. (1997) Knowledge Management: Making Sense of an Oxymoron. Management Insight, 2nd series, no 2 [Available at http://www.skyrme.com.insights/22km.htm]. (5) Graduate School of Business. Op. Cite. (6) Van Der Spek, R. & De Hoog, R. (1995). A Framework for Knowledge Management Methodology pp 379-398 in Knowledge Management Methods: Practice Approaches to Managing Knowledge. Vol. 3 of 3, Schema Press, Arlegton, Texas. (7) Macintosh, A., Filby, I., Kingston, J. & Tate, A. (1998). Knowledge Asset Road Maps. Proceedings of The Second International Conference on Practical Aspects of Knowledge Management (PAKM98); Basel, Switzerland. ( Hay, David C. (2000). Knowledge Management. [Available at: http://www.odtug.com]. (9) Ibid. (10) McElroy, Mark (1998). "Your Turn: 'Un-Managing' Knowledge in Learning Organization". Leverage Pegasus Communications (Waltham, MA., November 9) (11) Grey, Denham (1998). Knowledge Management and Information Management: The Differences. [Available at: http://www.it-consultancy.com/ extern/sws/km-info.htm]. (12) Skyrme, David (1999). Is Knowledge Management the same as Information Management? [Available at: http://www.skyrme.com/updates/u9.htm]. (13) (1999). Knowledge Management: The Next Steps. [Available at: http://www.skyrme.com/pubs/kmcons.ht]. (14) Ibid. (15) محمد فتحي عبدالهادي و عماد عبد الوهاب الصباغ (2002). نقاش علمي مع الكاتب بتاريخ 14/4/2002. الدوحة، قطر. (16) Skyrme, David (1999). Knowledge Management: Making It Work [Available at: http://skyrme.com/pubs/lawlib99.ht]. | |
| | _ النادي العربي للمعلومات | |
|