أكد خبراء
الاقتصاد المشاركون في مؤتمر نحو دور جديد للدولة في النشاط الاقتصادي
الحر الذي نظمه المركز المصري للدراسات الاقتصادية أمس أهمية دور
الدولة في تغيير طبيعة النشاط الاقتصادي بما يتوافق مع المتغيرات العالمية
الجديدة دون انتقاص من سيادتها علي أن يترك الانتاج المباشر للمشروعات
الخاصة والافراد لتحقيق التكامل بين دور الدولة والقطاع الخاص وبما
يتماشي مع آليات السوق الحرة.
وأشاروا
إلي أن هناك علاقة وثيقة بين الكفاءة
في الاداء الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو عالية في الاقتصاد القومي مما
يعني تعظيم طاقة القطاع الصناعي والتفرقة بين القطاعات الصناعية
المختلفة من حيث منحها الحوافز اللازمة لدعم قدراتها التنافسية مع
تأهيلها للاستفادة من نشاطها ولتطوير ادائها إلي جانب تحديد دور
الدولة ومنظمات قطاع الاعمال العام في عملية التنمية الصناعية في الفترة
المقبلة بحيث ترتكز علي زيادة معدلات نمو قطاع الصناعة سنويا وبمعدلات
عالية تتوافق مع المعدلات العالمية. ومن جانبه قال الدكتور أحمد
جلال المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية
أن الدولة تتدخل في الحياة الاقتصادية باعتبارها سلطة لديها القدرة
علي المتابعة وتقيم البرامج الاقتصادية للتحسين المستمر والالتزام بتنفيذ
القوانين والتشريعات المنظمة للنشاط الاقتصادي مشيرا إلي أن الصناعات
في مراحلها الأولي تحتاج إلي تدخل الدولة لضبط الاداء وتنظيم تفاعلات
السوق وبوضع السياسات الكفيلة بتغيير هياكل الانتاج والوصول بها إلي
معدلات نمو عالية مع مساندة التنمية الصناعية من خلال سياسات التعليم والتدريب
ودعم الاستثمار في رأس المالي البشري وارساء حماية حقوق الملكية ومنع
الاحتكار وتوفير المعلومات والشفافية والحد من ظاهرة الفساد. وأوضح انه
مازال للدولة دور في المشروعات والقطاعات التي لايقوم بها القطاع الخاص
خاصة في المجالات ذات العائد بعيدة المدي كالتكنولوجيا والبحوث والتطوير
موضحا اهمية توافر الآليات التي تحقق المواءمة بين دور الدولة وامكاناتها
وزيادة قدرتها علي تقييم المشروعات والاستثمارات والحرص علي عدم
ازدواجية الأنشطة ووضع معايير لتخصيص الاستثمارات الصناعية إلي جانب تنظيم
السوق من خلال وضع قواعد ونظام للعمل وحماية للبيئة والمستهلك وتعزيز
المنافسة. وأشار إلي أهمية دراسة تجارب الدول الأخري وتقييمها ومقارنتها
بالتجاربة المصرية حيث ان بعضها قد يكون حقق التغير المطلوب في دور
الدولة في ظل النظام الاقتصادي الجديد.
وطرح
الدكتور سلطان أبوعلي وزير
الاقتصاد الأسبق بعض المباديء الأساسية للوصول إلي سياسة صناعية ناجحه في
الفترة المقبلة ومن بينها تقديم الحوافز والمنح للمشروعات والأنشطة
الجديدة مع توافر المؤشرات الاقتصادية المرجعية الواضحة لقياس الانعكاسات
الايجابية والسلبية من تطبيق السياسات وتحديد الأنشطة والاستثمارات التي
يقدم لها الدعم اللازم والتي يتحقق من خلالها زيادة القدرات التنموية
والتنافسية للاقتصاد القومي وضع الضوابط اللازمة وذلك من خلال أجهزة وقطاعات
خاصة تتولي عملية التقييم والمتابعة المستمرة وقياس مدي جدية السياسات
والخطط الصناعية المستقبلية.
وتحدث
الدكتور حسن إرسال الاستاذ بجامعة
صابنجي بتركيا عن التجربة التركية, قال إن تدخل الحكومة
التركية في النظام الاقتصادي يرجع إلي سنوات عديدة ولكن بشكل تنظيمي
ووفق تخطيط محدد للتفرقة بين دور الدولة ودور القطاع الخاص.
لم
تكن نتائج استراتيجية التنمية ذات النموذج الشمولي التخطيطي على المستوى الذي كان
متوقعا بالرغم من أن هذا النموذج قد حقق مكاسب كبيرة في مجال البنية الأساسية,
وإقامة
بعض الصناعات الكبرى ذات الأهمية والإنصاف والمساواة في توزيع الدخل وفرص الوصول
إلى العمل والأصول الإنتاجية وتحسين مستوى المعيشة والتنمية البشرية, إلا أن نطاق
القطاع العام اتسع بشكل كبير جدا وضيق الخناق على القطاع الخاص أحيانا وأدى إلى
تهميشه, وقد أدى هذا الأمر إلى انخفاض الكفاءة الاقتصادية ومستوى الأداء الاقتصادي
وضعف النمو الاقتصادي, وظهرت الاختلالات الكبرى في الاقتصاد وتفاقمت لدرجة أصبح من
الضروري القيام بالإصلاح الاقتصادي الذي يعني فيما يعنيه الانتقال من النموذج
التنموي الشمولي إلى النموذج (الليبرالي) التحرري أو نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي
وبالتالي إعادة النظر في دور الدولة في النشاط الاقتصادي.
ويقوم
الدور التنموي الجديد للدولة على عناصر رئيسية تتمثل في :
-
التحرير الاقتصادي الذي يتطلب إزالة القيود والمعوقات أمام التجارة الخارجية, ودعم
المنافسة في ظل تشجيع القطاع الخاص, إصلاح القطاع العام والخاص, تحسين إدارة
المصروفات العامة, إصلاح الخدمة المدنية, تحسين أداء المؤسسات العامة, زيادة
القدرة التنافسية أي سياسة اقتصادية كلية تقوم على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.
تنطلق
استراتيجية التنمية الجديدة المعتمدة على اقتصاد السوق الاجتماعي من تكامل نشاط
ودور قطاعات الاقتصاد الوطني ( العام والخاص والمشترك والتعاوني) في تحقيق أهداف
الاستراتيجية المتمثلة في تحقيق التنمية الشاملة, المرتكزة على كفاءة تخصيص
الموارد وبذلك تبدو أهمية التعددية الاقتصادية كسياسة يتم اتباعها لخلق نوع من
التكامل بين الموارد, وبذلك تبدو أهمية التعددية الاقتصادية كسياسة يتم اتباعها
لخلق نوع من التكامل بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني, ولا بد من التعرف على
القيود التي يمكن أن تقلص الكفاءة الاقتصادية والحوافز التي تحث على رفعها لدى كل
القطاعات.
إن
إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية والتحول من الدور الإنمائي إلى
الدور التصحيحي للدولة لا يعني تخلي الدولة عن مواجهة التحديات التنموية بل يؤكد
على دور جديد ومختلف للدولة في السعي لتحقيق التنمية الشاملة.
جامعة
دمشق- كلية الاقتصاد