فالنظام الرأسمالي يتعرض لنوعين من الأزمات :
أزمات مصدرها طبيعة هذا النظام و تتصف بالتواتر و التكرار .
و أزمة عامة تتعرض لها الرأسمالية في الوقت الحاضر و مصدرها نشوء و ازدهار نظام اقتصادي جديد هو النظام الإشتراكي .
أولاً : الأزمات الإقتصادية الدورية :
إن إمكانية حدوث الأزمات
الإقتصادية قائمة حتى في ظروف الإنتاج السلعي البسيط و أساسها يتمثل في
التناقض بين العمل الخاص و العمل الإجتماعي .
فالمستحدث ينتج السلع دون تقدير
مبدئي و معرفة صحيحة للطلب العام و لهذا فإن حجم الإنتاج سوف لا يتناسب مع
حجم الطلب و بالتالي سيكون العرض (وهذا الإحتمال الأكبر) متفوقاً على
الطلب و سوف لا تجد السلع الفائضة مجالاً للتصريف و ستحدث الأزمة .
أما في ظروف الإنتاج السلعي
الموسع فإن حدوث الأزمات الإقتصادية يعتبر أكثر احتمالاً نظراً للتوسع
الكبير في دائرة العلاقات السلعية .
إن حدوث الأزمات الإقتصادية في
النظام الرأسمالي يرجع بشكل أساسي إلى التناقض الأساسي بين الطبيعة
الإجتماعية للعمل و الحيازة الخاصة لنتائج العمل (حيازة الرأسماليين
للأرباح) .
علاوة على ذلك فإن فوضى الانتاج
التي تعتبر من خصائص إسلوب الإنتاج الرأسمالي و عدم التناسب في تطور
الإنتاج بشكل عام و ضمن الفروع الإنتاجية بشكل خاص يؤدي ولا شك إلى حدوث
فيض في الإنتاج في بعض الفروع و قصور الفروع الأُخرى عن سد حاجة الطلب .
الأمر الذي ستيبعه انخفاض في قدرة الطلب بشكل عام و يؤدي بالتالي إلى حدوث
الأزمة .
إن الأزمات الإقتصادية تتكرر بانتظام خلال فترة معينة من الزمن فقد كانت الأزمات في البداية تتوالى كل 10 أو 11 سنة .
أما في النصف الثاني من القرن التاسع عشر فقد تقلصت الفترة التي تفصل بين أزمتين لتصبح
7 – 9 سنوات .
و في عصر الإمبريالية يصبح تواتر الأزمات أكثر تقارباً .
مما تقدم نرى أن الأزمات الإقتصادية هي ظاهرة طبيعية و مميزة للنظام الرأسمالي .
إن الفترة الزمنية الفاصلة بين أزمتين يطلق عليها اسم الدور .
و يتضمن الدور أربع مراحل رئيسية :
الأزمة
الكساد
الإنتعاش
الإزدهار
خصائص الأزمة :Œ
تتميز الأزمة بالمظاهر التالية :
الفيض في إنتاج السلع مما يؤدي إلى زيادة في العرض .ï
الإنخفاض الحاد في الأسعار نتيجة تفوق العرض على الطلب .ï
التناقض الكبير في حجم الإنتاح .ï
انتشار ظاهرة الإفلاس للمشاريع الرأسمالية .ï
ارتفاع نسبة البطالة و انخفاض الأجور .ï
انتشار الأزمة إلى القطاع المصرفي .ï
ومن جهة أُخرى فإن الظاهرة
المميزة للأزمة في مجال الإعتمادات المصرفية تتمثل في الارتفاع الكبير
لمعدل الفائدة نتيجة الطلب الشديد على النقد من جهة و هبوط حجم العرض
للقروض بسبب السحب الشامل للودائع من جهة أُخرى .
خصائص مرحلة الكساد :
هبوط حجم الفائض السلعي : ففي مرحلة الكساد تصبح قدرة الطلب في علاقة عكسية مع ï
مستوى الإزدهار .
توقف هبوط الأسعار .ï
توقف انخفاض الإنتاج .ï
انخفاض معدل الفائدة .ï
خصائص مرحلتي الإنتعاش و الإزدهار :Ž
تتميز مرحلتا الإنتعاش و الا
زدهار بخصائص أساسية مشتركة غير أن الفرق بين مرحلتي الإنتعاش و الإزدهار
هو أن الإنتاج في مرحلة الإنتعاش لا يتجاوز المستوى الذي كان عليه أبان
الأزمة .
أما في مرحلة الازدهار فيبلغ الانتاج مستوى جديداً في حدود الدور الإقتصادي الجديد و أهم خصائص المرحلتين :
النمو السريع للإنتاج .ï
ارتفاع الأسعار .ï
انخفاض حجم البطالة وارتفاع الأجور .ï
التوسع في الإعتمادات المصرفية .ï
ثانياً : الأزمة العامة الرأسمالية :
تعرف هذه الأزمة بأنها المرحلة التي يبدأ خلالها النظام الرأسمالي طور التفكك .
وهي المرحلة المتميزة بالانحلال
الداخلي للرأسمالية و الإنهيار التدرجي للمنظومة العالمية للرأسمالية عن
طريق انفصال حلقاتها الواحدة بعد الأُخرى .
المرحلة التي يشتد فيها الصراع بين الإشتراكية المتعاظمة و الرأسمالية السائرة إلى التفكك و الإنحلال .
ولابد من التمييز بين الأزمات
الإقتصادية التي يتعرض لها النظام الرأسمالي و بين الأزمة العامة لهذا
النظام و يمكن رد الفروق بينهما إلى ما يلي :
1 * إن الأزمة العامة يتعرض لها
النظام الرأسمالي ككل أما الأزمات الإقتصادية فهي فترات تتعرض لها
الرأسمالية و تتميز بفيض في الإنتاج .
إضافةً لذلك ترافق الأزمة الإقتصادية ظاهرة انخفاض معدلات الإنتاج أما الأزمة العامة فأهم مظاهرها تقليص دائرة سيادة الرأسمالية .
2 * تشمل الأزمة الإقتصادية
الاقتصاد الرأسمالي أما الأزمة العامة للرأسمالية فلا يقتصر مداها على
الاقتصاد و إنما تمتد إلى مختلف ميادين الحياة الاجتماعية للنظام الرأسمالي
.
3 * إن الأزمات الإقتصادية تمتد
إلى فترة زمنية قصيرة وهي مرحلة من مراحل الدورة الإقتصادية و تمتد الأزمة
الإقتصادية على الغالب سنة أو سنتين أما الأزمة العامة للرأسمالية فتشمل
مرحلة الإمبريالية بكاملها .
4 * و تتميز الأزمة الاقتصادية
عن الأزمة العامة من حيث إمكانية الخروج من الأزمة فالأزمة الإقتصادية
ستنتهي حتماً مهما طال أمدها إذ أن الأزمات الإقتصادية تتصف بالدورية و
التوقيت .
أما الخروج من الأزمة العامة للرأسمالية لا يكون إلا بنهاية الرأسمالية و انهيارها في كل مناطق العالم .
إن الأزمة العامة للرأسمالية لا
تنفي وجود الأزمات الإقتصادية و بالتالي لا تحول دون وقوعها بل على العكس
في ظل الأزمة العامة تقوى حدة الأزمات الاقتصادية و يتوالى تكرارها .
و الأزمة العامة للرأسمالية في الواقع تتمثل في مجموعة من الظواهر التي يمكن إيجازها في النقاط التالية :
انقسام العالم إلى منظومتين اجتماعيتين متناقضتين و متصارعتين .
انهيار وسقوط النظام الإستعماري للإمبريالية .
زيادة حدة عدم الاستقرار للرأسمالية و دخولها مرحلة الإنحطاط .
نمو رأسمالية الدولة الإحتكارية .